للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا دخل في الصلاة وإذا فرغ من القراءة, ثم قال بعد: وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقد اتفقت الأحاديث أنهما سكتتان فقط, إحداهما: سكتة الافتتاح, والثانية: مختلف فيها, فالذي قال: إنها بعد قراءة الفاتحة هو قتادة. وقد أختلف عليه سمرة فمرة قال ذلك ومرة قال من القراءة, ولم يختلف على يونس وأشعث أنها بعد فراغه من القراءة كلها, وهذا أرجح الروايتين, والله اعلم.

وبالجملة فلم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه كان يسكت بعد قراءة الفاتحة حتى يقرأها من خلفه, وليس في سكوته في هذا المحل إلا هذا الحديث المختلف فيه كما رأيت, ولو كان يسكت هنا سكتة طويلة يدرك فيها قراءة الفاتحة لما اختفى ذلك على الصحابة ولكان معرفتهم به ونقلهم أهم من سكتة الافتتاح ثم يقرأ بعد ذلك سورة طويلة تارة وقصيرة تارة ومتوسطة تارة كما تقدم ذكر الأحاديث به, ولم يكن يبتديء من وسط السورة ولا من آخرها وإنما كان يقرأ من أولها فتارة يكملها وهو أغلب أحواله وتارة يقتصر على بعضها ويكملها في الركعة الثانية, ولم ينقل أحد عنه أنه قرأ بآية من سورة أو بآخرها إلا في سنة الفجر فإنه كان يقرأ فيها بهاتين الآيتين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية.

وكان يقرأ بالسورة في الركعة وتارة يعيدها في الركعة الثانية وتارة يقرأ سورتين في الركعة, أما الأول فكقول عائشة: إنه قرأ في المغرب بالأعراف فرقها في الركعتين. وأما الثاني: فقراءته في الصبح {إِذَا زُلْزِلَتِ} في الركعتين كلتيهما: والحديثان في السنن. وأما الثالث فكقول ابن مسعود: ولقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهما فذكر عشرين سورة من المفصل: سورتين في ركعة, وهذا في الصحيحين, وكان يمد قراءة الفجر ويطيلها أكثر من سائر الصلوات -وأقصر ما حفظ عنه أنه كان يقرأ بها فيها فى الحضر "ق" ونحوها, وكان يجهر بالقراءة في الفجر, والأوليين من المغرب والعشاء, ويسر فيما سوى ذلك, وربما كان يسمعهم الآية في قراءة السر أحيانا.

<<  <   >  >>