وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز الْإِجَارَة مَا لم يكن أول الْمدَّة عقيب العقد
وَلِهَذَا قُلْنَا إِن المؤاجر لَو بَاعَ هَذِه الدَّار لَا يَصح فِي حق الْمُسْتَأْجر وَإِن لم يَجِيء الْوَقْت الَّذِي أضيف إِلَيْهِ الْإِجَارَة لَكِن لَا يجب عَلَيْهِ تَسْلِيم الدَّار مَا لم يَأْتِ ذَلِك الْوَقْت
وَمِنْهَا أَنه إِذا اسْتَأْجر دَارا أَو حانوتا أَو غير ذَلِك من الْعقار غير الْمزَارِع فَلهُ الِانْتِفَاع بهَا كَيفَ شَاءَ من السُّكْنَى وَله أَن يسكن فِيهَا من أحب بِالْإِجَارَة والإعارة وَله أَن يعْمل فِيهَا أَي عمل شَاءَ غير أَنه لَا يَجْعَل فِيهَا حدادا وَلَا قصارا وَلَا مَا يضر بِالْبِنَاءِ ويوهنه
وَلَا تفْسد الْإِجَارَة وَإِن لم يسم مَا يعْمل فِيهَا لِأَن مَنَافِع السُّكْنَى غير مُتَفَاوِتَة إِذا لم يكن فِيهَا مَا يوهن الْبناء وَذَلِكَ مُسْتَثْنى فَصَارَت الْمَنَافِع مَعْلُومَة بِخِلَاف مَا إِذا اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة حَيْثُ لم يجز العقد حَتَّى يبين مَا يزرع فِيهَا أَو يَجْعَل لَهُ أَن يزرع فِيهَا مَا شَاءَ لِأَن مَنَافِع الزِّرَاعَة مُخْتَلفَة
وَلَو اسْتَأْجر دَابَّة وَلم يسم مَا يحمل عَلَيْهَا أَو عبدا وَلم يبين الْعَمَل لَا يجوز لِأَن ذَلِك مِمَّا يتَفَاوَت وَإِن اخْتَصمَا يفْسخ العقد وَإِن مَضَت الْمدَّة أَو حمل عَلَيْهَا أَو اسْتعْمل العَبْد فَالْقِيَاس أَن يجب أجر الْمثل لِأَنَّهُ استوفى الْمَنْفَعَة بِعقد فَاسد وَفِي الِاسْتِحْسَان يجب الْمُسَمّى لِأَنَّهُ يتَعَيَّن الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَيصير مَعْلُوما بِالْعَمَلِ وَالْحمل فَيَعُود العقد جَائِزا
وَمِنْهَا أَنه يجب على المؤاجر تَسْلِيم الْمُسْتَأْجر سليما عَن الْعَيْب الَّذِي يضر بِالِانْتِفَاعِ خَالِيا عَن الْمَوَانِع الَّتِي تمنع من الِانْتِفَاع فِي جَمِيع الْمدَّة حَتَّى يجب عَلَيْهِ جَمِيع الْأجر
فَإِن كَانَ بِهِ عيب يضر بِالِانْتِفَاعِ فالمستأجر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فسخ الْإِجَارَة وَإِن شَاءَ مضى عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute