[احذروا العجلة]
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤].
وكان النبي عليه الصلاة والسلام ينبه أصحابه إلى عدم العجلة، فإن دين الله عز وجل لا يقبل العجلة، والله عز وجل جعل العبد حكيماً: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة:١٤] استعجل بعض الصحابة النتائج، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: {والذي نفسي بيده, ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون} وحدث ما قاله عليه الصلاة والسلام، فأتم الله الدين، ونصره نصراً مؤزراً لكن بعد ثلاثٍ وعشرين سنة, ولا بد -كما قال ابن الجوزي في صيد الخاطر - لا بد من عقبات، ولا بد من عراقيل وعوائق، ولا بد من أن تسقط تارة وتقوم تارة، وأن تكسب تارة, وتخسر تارة, ولا بد أن يواجهك بعض الناس بسب وشتم، وبعضهم لا يستجيب لك، وبعضهم يكسحك أمام الناس، وبعضهم يستهزئ بك، ولكن تلقى من الصنف الآخر من يحييك ويرحب بك ويهش ويبش, فالحذر كل الحذر من استعجال النتائج.
ووصيتي للشاب خاصة من يدعو أهله: أن يمكث معهم طويلاً, وألا يستعجل بهم النتيجة, وأن يأخذ مسائل العقيدة مسألة مسألة, ويبدأ بكبار المسائل بيت لا يصلي أهله، ما هي حيلة الشاب المهتدي في البيت؟ أتذهب إليهم وتقول لهم: اتركوا سماع الغناء وتقف معهم ليل نهار في سماع الغناء؟
إن ترك الصلاة أعظم, إن ترك الصلاة كفر, وأنا أطالبك بقضية الصلاة فقط, لا تتحدث عن الغناء, ولا تتحدث عن إسبال الثوب، ولا تتحدث عن مسألة شرب الدخان، ولا تتحدث عن الغيبة، ابق معه ليل نهار في مسألة الصلاة, فتأتي لهم بفتاوى أهل العلم, والأشرطة وماذا قال الدعاة في الصلاة, كل هذا بالتي هي أحسن؛ فإذا صلوا فابدأ بالمسألة التالية، فلا بد من التدرج حتى تصل معهم إلى قضايا محددة, ولا تبدأ بصغار المسائل.
إن الرسول عليه الصلاة والسلام أتى إلى العرب ومنهم من يسمع الغناء, ومنهم من يزني, ومنهم من يأكل الربا, ومنهم من يشرب الخمر, فأتى بلا إله إلا الله محمد رسول الله، فلما استجابوا أمرهم بالصلاة، ثم الزكاة، ثم الصيام، ثم الحج، ثم ذكر المحرمات حتى وقف في عرفة في آخر أيامه فأنزل الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣] فلا نريد العجلة، وإن العجول يخطئ دائماً.
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل