[الغلظة والعنف في الدعوة]
أيضاً من قضايا الشباب: الغلظة والعنف في الدعوة.
وهذا ليس عند الشباب جميعاً, ولكنه عند بعضهم، فتجده إذا تكلم أغلظ في الكلام, وجرح المشاعر, وقد يأخذ كلاماً نابياً تنبو عنه السهام، وعلى العبد أن يكون رقيقاً في تعامله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩].
يقول أحد السلف: كن باش الوجه لين الكلمة؛ تكن عند الناس أحب ممن يعطيهم الذهب والفضة.
وفي الحديث: {إنكم لا تسعو الناس بأموالكم ولكن تسعوهم بأخلاقكم} وقد قسَّم الله الأخلاق بين الناس كما قسم الأرزاق.
فأنت تريد مني أن أستجيب لك وقد جرحت مشاعري, وقد نصحتني وفضحتني أمام الناس, وأمام الجماهير، كيف أستجيب لك؟! قال الشافعي:
تعمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
لا نريد غلظة في الخطاب: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] إن الكلمات النابية ليست في سنته عليه الصلاة والسلام.
أسألكم بالله -يا شباب الإسلام- هل سمعتم في الكتب الستة والمسند والمعاجم، وكتب سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ودواوين الإسلام كلمات نابية قالها الرسول صلى الله عليه وسلم للمدعوين؟ هل أغلظ في القول؟ لا والله, إنما كان يأتي بالخطاب المحبب العجيب اللين السهل؛ حتى يصل إلى القلوب بالبسمة وباللين.
فالحذر الحذر فإن بعض الناس يأمر بمعروف وينهى عن منكر، فيفوت من المعروف ما هو أعظم بسبب أمره, ويأتي من المنكر بأعظم بسبب نهيه، قال ابن تيمية رحمه الله: ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف, ونهيك عن المنكر بلا منكر.