[تقوى الله وأهميتها]
قال: الحمد لله رب العالمين، أما الوصية، فما أعلم وصيةٍ أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١] هذه وصية الله، التي أوصى الله بها في كتابه، وأوصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام في سنته، فلا وصية لله أعظم من وصيته بالتقوى، أن اتقوا الله، وهي وصيته للأولين والآخرين.
قال ابن القيم في كتاب الفوائد: قال سليمان عليه السلام: تعلمنا مما تعلم الناس، ومما لم يتعلم الناس، فما وجدنا كتقوى الله، فإذا أردت أن توصي حبيبك أو ابنك أو جارك، فأوصه بتقوى الله.
وما هي تقوى الله؟ علماء أهل السنة يعرفونها:
يقول طلق بن حبيب: تقوى الله، هي: أن تعمل الحسنة على نورٍ من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك السيئة على نورٍ من الله، تخشى عقاب الله.
ويقول ابن تيمية: تقوى الله هي: العمل بالمأمور وترك المحذور.
ويقول علي بن أبي طالب: تقوى الله: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
الخوف من الجليل: الذي لا أجل منه، فمن لم يخف الله فليس بمتق، والعمل بالتنزيل: بالكتاب والسنة، والرضا بالقليل: من الدنيا، والاستعداد ليوم الرحيل.
وعرفها بعض علماء أهل السنة فقالوا: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية.
ثم قال ابن تيمية: "ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن ".
معاذ بن جبل علامة الصحابة رضي الله عنه وأرضاه، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل} وفي حديثٍ سعد: {يأتي معاذ أمام العلماء يوم القيامة برتوة} برمية حجر، يعني يمشي معاذ أمام العلماء برمية حجر، وتوفي معاذ وعمره اثنتان وثلاثون سنة فقط، وكل هذا العلم في اثنتين وثلاثين سنة، وهو مجاهدٌ وزاهدٌ وعابد، وداعية اليمن، كان يحبه عليه الصلاة والسلام كثيراً، صلى معه العصر فلما خرج من صلاة العصر، أخذ الحبيب عليه الصلاة والسلام أصابعه فأشبكها في أصابع معاذ وقال: {يا معاذ! والله إني لأحبك -ما أحسن الكلمة تصور أن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي بك العصر، ثم يمسك بيدك ويقول والله إني لأحبك- قال معاذ: والله إني لأحبك يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: يا معاذ! لا تدع في دبر كل صلاةٍ أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك} وهذا الحديث صحيح، رواه أبو داود وغيره، كان يحبه عليه الصلاة والسلام كثيراً، ولو أنه أخذ عليه بعض المواقف.
مثل تطويله بالناس عندما صلى بهم في صلاة العشاء بسورة البقرة، والأنصار كانوا أهل عمل، يحرثون من الصباح إلى المساء، لا يقيلون ولا يرتاحون.
{وأتى رجل كدَّ على جمله يسقي نخله إلى صلاة المغرب، فلما دخل في صلاة العشاء، ومعاذ مرتاح يطلب العلم يحضر الدروس ويقرأ، فظن أن مستوى الناس مثله، فبدأ يقرا في سورة البقرة، وانتظر الرجل، وانتظر وانتظر وفي الأخير قطع الصلاة وصلى أربع ركعات، وذهب إلى البيت، قال معاذ: أين فلان؟ قالوا: ترك الصلاة وصلى وحده.
قال: منافق} ولما سمع الرجل أراد أن تكون المسألة خفيفة، لكن ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في الصباح، وأخبره، وقال: معاذ طول بنا حتى تركنا صلاة الجماعة، فدعاه صلى الله عليه وسلم وغضب عليه وقال: {أفتانٌ أنت يا معاذ! أفتانٌ أنت يا معاذ!!} قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {من صلى منكم بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف والكبير وذا الحاجة}.
والتخفيف هنا نسبي، لأن في سنن أبي داود بسندٍ صحيح عن عمرو بن سلمة، قال: {يا رسول الله! اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً} يعني اقتد بالضعيف من الناس، ولا تنظر إلى الشباب ففي الناس شيوخ معك في الصلاة، ومن الناس من عنده حاجة ووراءه ضيوف، وارتباطات، وفي الناس طفل صغير، وفيهم مريض، لكن هذا التخفيف نسبي.
فلا يجعلها تخفيفاً، حتى كأنها التمارين الرياضية فلا تستطيع أن تلحقه، في الركوع ولا في السجود، فهذا ليس بصحيح، بل الوسط هو السنة.
قال شيخ الإسلام، وهو يعرض وصيته، ووصى بها: يعني تقوى الله وصى بها النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن، وكان مبعث معاذ إلى اليمن في التاسعة، وقيل في العاشرة، بعد غزوة تبوك، بعثه عليه الصلاة والسلام معلماً وقال: {إنك تأتي قوماً أهل كتاب -واسمعوا يا دعاة الإسلام إلى منهج الدعوة- فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليم زكاةً تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، واتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب} وفي لفظٍ: {وإياك وكرائم أموالهم} والحديث متفقٌ عليه، لكن الشاهد هنا، قوله صلى الله عليه وسلم لـ معاذ: {اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن} هذا الحديث حسن، رواه الترمذي وغيره، وابن تيمية يفيض في هذا، وقد خرج عن الإجابة قليلاً، وقد قال له السائل أوجز واختصر، ومع ذلك أوجز واختصر، ولكن نسي، أحياناً يتعرض لمسألة فيكتب فيها خمسين صفحة!!
وكلها علمٌ منقح ليس فيها إنشاء، ولا كلام ملفف، كلها علم مؤصل مبني على قواعد، فلذلك أسهب قليلاً بقلمه، ثم انطلق يتكلم عن الوصايا.
ثم قال: أما بيان جمعها -يعني جمع هذه الوصية- اتقِ الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.
والعبد عليه حقان، حقٌ لله تبارك وتعالى، وحقٌ للناس.
والحق الذي لله، كأنه يقصر فيه، فقال: {اتقِ الله حيثما كنت} وقوله: {حيثما كنت} أي: في أي مكان، في السر والعلن، فإنك تحتاج لتقوى الله، أحوج من الماء البارد، أو من الهواء، والذي لا يتقي الله يصيبه الخذلان كثيراً، وتضل أموره، حتى أنه ما تعكر أمرٌ ولا عسر ولا منع رزقٌ ولا جفت عينٌ ولا قسى قلبٌ إلا بالمعصية، أحد السلف يقول: أنظر كل يوم في المرآة هل أسود وجهي من الخطايا أم لا؟ وهو من التابعين الكبار.
ويقول أبو سليمان الداراني: والله إني أعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وامرأتي.
حتى الدابة ما توافقك، بل الحذاء إذا ما ركب لك فكأنه من الذنوب والخطايا!!
فإنها تقلقل حال العبد، واضطراب حال العبد من قلة تقواه لله عز وجل.
قال: "فيمكن أن يقصر في التقوى، ومن منا معصوم، فالمتكلم والسامع أهل ذنبٍ وخطيئة.
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
قال شيخ الإسلام، وهو يعرض وصيته رضي الله عنه وأرضاه، ووصى به: يعني هذه تقوى الله وصى بها النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن، كان مبعث معاذ إلى اليمن في التاسعة، وقيل في العاشرة، بعد غزوة تبوك، بعثه عليه الصلاة والسلام معلماً وقال: {إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم -اسمعوا يا دعاة الإسلام اسمعوا إلى منهج الدعوة- فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليم زكاةً تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، واتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب} وفي لفظٍ: {وإياك وكرائم أموالهم} والحديث متفقٌ عليه، لكن الشاهد هنا، قوله صلى الله عليه وسلم لـ معاذ: {اتقِ الله حيث ما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن} هذا الحديث حسن، رواه الترمذي وغيره، وابن تيمية يفيض في هذا، وقد خرج عن الإجابة قليلاً، يعني نسي الوصية وقد قال له السائل أوجز واختصر، مع ذلك أوجز واختصر، ولكن نسي، أحياناً يتعرض لمسألة فيكتب فيها خمسين صفحة!!
كلها علمٌ منقح ليس فيها إنشاء، ولا كلام ملفف، الإسلام دين عدالة، ودين قوة، ودين تآخي ودين كرم، لا، كلها علم مؤصل مبني، فلذلك أسهب قليلاً بقلمه، نسي نفسه، ثم انطلق يتكلم عن الوصايا.
ثم قال: أما بيان جمعها -يعني جمع هذه الوصية- اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن، والعبد عليه حقان، حقٌ لله تبارك وتعالى، وحقٌ للناس.
والحق الذي لله، كأن يقصر فيه، فقال: {اتقِ الله حيثما كنت} وقوله: {حيثما كنت} في أي مكان، في السر والعلن، فإنك تحتاج لتقوى الله، أحوج من الماء البارد، أو من الهواء، والذي لا يتقي الله يصيبه الخذلان كثيراً، وتظل أموره، حتى ما تعكر أمرٌ ولا تمشكلَ أمرٌ ولا منع رزقٌ ولا جفت عينٌ ولا قسى قلبٌ إلا بالمعصية، أحد السلف يقول: أنظر كل يوم في المرآة هل وجهي أسود من الخطايا أم لا؟ وهو من التابعين الكبار.
ويقول أبو سليمان الداراني: والله إني أعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وخلق امرأتي.
حتى الدابة ما توافقك، بل الحذاء إذا ما ركب لك فكأنه من الذنوب والخطايا!!
يعني تقلقل واضطراب حال العبد من قلة تقواه لله عز وجل، قال: فيمكن أن يقصر في التقوى، ومن منا معصوم، فالمتكلم والسامع أهل ذنبٍ وخطيئة:
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه