للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[منزلة العفو]

وأما قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:١٣٤] فهي ثلاث منازل للأولياء.

المنزلة الأولى: منزلة الكظم: أن تكظم غيظك عن الناس لكنك قد تحمل في قلبك عليهم غلاً وحسداً وحقداً، وهذه منزلة لا بأس بها.

المنزلة الثانية: منزلة أن تعفو عنهم، فلا تعاتبهم ولا تؤذيهم، وهذه منزلة ثانية أحسن.

والمنزلة الثالثة: والله يحب المحسنين، أن تعفو عنهم ولا تؤذيهم ولا تحمل عليهم، وتنفعهم وتهدي لهم.

وقف خادم على رأس هارون الرشيد ومعه إبريق يصب منه ماءً حاراً، فسقط الإبريق من الخادم على رأس هارون الرشيد، وهو ماء حار كاد أن يذهب صفحة وجهه، فالتفت مغضباً وحوله الأمراء والوزراء والجيش، فقال الخادم وكان ذكياً: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران:١٣٤] قال: قد كظمت، قال: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:١٣٤] قال: عفوت عنك، قال: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:١٣٤] قال: أعتقتك لوجه الله، ذكر ذلك صاحب البداية وصاحب العقد الفريد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>