[صوم الألسن]
السم الزعاف هو هذا اللسان، القتل كل القتل في هذا اللسان، يقول سفيان بن عبد الله كما في الصحيح: {يا رسول الله! ما تخشى علي؟ قال: كف عليك هذا وأخذ بلسان نفسه صلى الله عليه وسلم} يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لـ معاذ: {ألا أدلك على ملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله.
قال: كف عليك هذا وأخذ بلسان نفسه.
قال: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على أنوفهم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟} والحديث صحيح.
سبحان الله! ما أعدى اللسان، سبحان الله! ما أشد ضرر اللسان! لا إله إلا الله كم صرع اللسان من عظيم!
احذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من صريع لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان
هذا اللسان عجيب! ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] إذا كنت تمزح أو تتكلم، أو تذكر الله، أو تأتي بفحش أو بباطل، أو لعن، أو هراء، أو غيبة، أو نميمة، أو جور، أو كلام باطل فالملائكة تسجل عليك كل ذلك قال تعالى: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:٤٩] وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
وفي الأثر: {من صمت نجا} قال ابن مسعود: [[والله ما في الدنيا أحق بطول حبس من لسان]] أبو بكر الصديق، الصالح الزاهد، أبو بكر هو الإسلام، أبهة التوحيد، أبو بكر العظيم إذا ذكر العظماء، ليس الأخسة قَتَلَة الشعوب، وشربة دماء الإنسان مثل: نابليون وهتلر واستالين ولينين وماركس وأذنابهم لا، بل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
يأخذ أبو بكر بلسان نفسه وهو يبكي ويقول: [[هذا الذي أوردني الموارد]] ويقف ابن عباس على جبل الصفا وهو يبكي ويقول: [[يا لسان! قل: خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم]].
هل قيدنا ألسنتنا؟ هل حاسبنا أنفسنا حين نتكلم في الأعراض وفي حرمات المسلمين، وفي لحوم عباد الله الموحدين؟ الكذب، الغيبة، الفحش، اللعن، البذاءة، قلة الحياء كلها من اللسان، حتى يقول الإمام الغزالي في الإحياء: "تسعة أعشار الذنوب من اللسان" العشر الواحد يوزعه على الأعضاء، أما تسعة أعشار الذنوب فمن اللسان، فهل آن للسان أن تصوم غداً أو بعد غد؟ تبدأ مرحلة من التربية بأن تلقنها درساً لا تنساه في الصيام.
وأنا لا أستطرد كثيراً في هذه المسائل حيث لا يوجد مجال لسردها هنا، وإلا فبحوث اللسان تحتاج إلى محاضرة: الغيبة، النميمة، اللعن والشتم، الإسراف في المزح، الكذب، الهراء، الهمز واللمز، الاستهزاء، السخرية كل ذلك ذنوب وخطايا.
مخازٍ لو جمعن على غوانٍ لما أمهرن إلا بالطلاق