[محاولة الفيلسوف الكندي وابن الراوندي معارضة القرآن]
لكن وجد في القرن الرابع والخامس بعض الملاحدة -نعوذ بالله من إلحادهم- أتوا ليتحدوا القرآن، سمعوا هذه الآيات فقالوا: نحن نأتي بمثله، منهم ابن كندة الفيلسوف الطبيب، دخل بيته وأغلق عليه الباب، وكان زنديقاً ونعوذ بالله من الزندقة، ونعوذ بالله من لعنة الله وغضبه، فقد حوى على قلبه جثمان إبليس فاسود قلبه.
أحد الناس يذكر عنه ابن تيمية أنه قيل له: مالك لا تصدق بالقرآن؟ قال: قلبي ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها، قال: عليك أن تصلي وأن تتقي الله، وأن تستغفر عسى الله أن يتوب عليك، قال: لا أستطيع: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}[سبأ:٥٤].
فأتى ابن كندة الفيلسوف، وقيل الفيلسوف الكندي، وبعضهم يخلط هذا بغيره، لكن تمييزه أنه الفيلسوف الكندي، فقال له تلاميذه: ماذا تفعل يا شيخنا؟ -هو شيخهم وليس بشيخنا- شيخنا نحن مثل الإمام أحمد، ومالك، والشافعي، وابن تيمية، وابن القيم، فأحمدنا أحمد بن حنبل وأحمد أهل البدعة أحمد بن أبي دؤاد.
لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد بن عمرو والأغر بن حاتم
فقالوا: ما لك يا شيخنا اعتزلت؟ فقال: أريد أن أكتب كتاباً أبلغ من القرآن؛ ففتح المصحف وهو وحده في الغرفة، فوقعت عينه على قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى في أول سورة المائدة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}[المائدة:١] فتوقف ورفع القلم، وضرب رأسه، وقال: نادى، وأمر، ونهى، واستثنى، وبين، وختم في آية، فأتى ليرد جسمه فوجد نصف جسمه قد يبس وشل:{وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ}[فصلت:١٦].
وابن الراوندي الكلب كما سماه ابن كثير، أتى وألف كتاب الدامغ على القرآن؛ لأنه يهودي ابن يهودي، وتدسس على الإسلام في لباس الإسلامية مثلما يفعل بعض الناس، يتظاهر أنه مسلم ويريد الخير، لكن تراه يطعن في كلامه بالرسول عليه الصلاة والسلام، كنافخ الشمس:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[الصف:٨] أتى الخبيث الملعون، فكتب كتاب الدامغ، يقول: أدمغ به القرآن، فدمغه الله في الدنيا والآخرة وأخزاه، حتى لما أتته الوفاة أخذ الدود يتناثر من عينيه وأنفه ولسانه، وأخذ يزوره بعض أهل السنة، قالوا: ما زرناك عواداً لكن زرناك شامتين، نشمت بك، ونرى نَصَف الله فيك.