[من رئي في المنام وعليه قميص يجره]
المسألة الحادية عشرة: إذا رأيت حبيبك أو قريبك أو صديقك وعليه ثوب يجره في المنام فهذه علامة خير، ففي صحيح البخاري أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {عرض علي الناس في المنام البارحة وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره، قالوا: ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين}.
ويُتساءل: هل يجوز للإنسان أن يجر قميصه ما دام أن عمر يجر قميصه في المنام؟ قلنا: لا.
هذه أحكام منام، وهذه أحكام يقظة.
وهذا مثل تصحيح الحديث عند بعض الناس في المنام، وهذا موجود أورده ابن مندة، فقد جاء بأحاديث وقال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، فسألته عن هذه الأحاديث، فقال: هي صحيحة.
وبعضهم يقول: هذا من زيادة الكذب، حتى يقول الذهبي أورد كذبة لبعضهم وقال: هكذا فليكن الكذب.
الذي يكذب مثل هذه وإلا فلا، فإن بعضهم يقول: سافرت ووصلت المدينة، وصليت ركعتين ووصلت إلى القبر، فقلت: يا رسول الله! حدثني فلان عن فلان عن فلان عن فلان من الصحابة عنك أنك قلت كذا.
فقال: هذا صحيح.
وبعض الكذب متعوب عليه، أي: يستاهل، كذب على مزاجك، وبعض الكذب يدخل فيه شيء، لكن الكذب على المزاج يستحق أن تعرف العقول أنه كذب.
وأكثر ما يصاب الكذابين بمعرفة التاريخ؛ فإن ابن مسعود رضي الله عنه مات قبل صفين، فأتى أحد الكذابين وقال: حدثنا فلان، قال: كنا في معركة صفين فخرج علينا ابن مسعود وعليه حزام من ليف، يظن هذا الكذاب أن ابن مسعود بقي حياً إلى بعد صفين، فسمع الحديث الإمام أحمد؛ فتبسم وقال: أتظن أن ابن مسعود بعثه الله من القبر حتى حضر صفين؟! بعض الناس ينسى الوقائع والتاريخ.
فالمقصود من رؤي في المنام وعليه قميص يجره فهذا علامة الخير إن شاء الله، والرؤيا أكثر ما يكذب فيها بعض الناس، وفي الحديث الصحيح: {من تكلف غير ما ترى عيناه، كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بقادر} فيقوم أحدهم عند الإفطار فيرى أهله ويريد أن يتحبب إلى زوجته، فيقول: رأيتك في الجنة البارحة وأنت في قصر أبيض كالربابة.
فتقول ابنته: وأنا.
فيقول: رأيتك على يمين الجنة عندك سبعة قصور.
ويقول ولده: أين أنا؟ فيقول: تشرب من الرحيق المختوم.
فهذا من الكذب.
وبعضهم يموت ابن لقريبه فيريد أن يواسيه في المصيبة، فيقول: أبشر، ابنك -إن شاء الله- سعيد، رأيته البارحة في الجنة، ويقول: أين أبي وأين أمي؟ قال أهل العلم: أكثر ما يكذب في المنام، هو الأكثر كذباً في اليقظة وفي حديث صحيح ما معناه: {أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً} وأصدق الناس لهجة محمد عليه الصلاة والسلام، ما كذب كذبة واحدة في التاريخ، لا في الليل، ولا في النهار، ولا في الصيف، ولا في الشتاء، ولا في السماء، ولا في الأرض، ولا يقظة، ولا مناماً، ولا في أي مكان، ما كذب كذبة أبداً، فكان أصدق الناس رؤيا، يرى الرؤيا فتأتي مثل فلق الصبح.
يقول قبل معركة أحد: {رأيت كأن ذباب سيفي كسر، وكأن أبقاراً تنحر، وكأنني أدخلت يدي في درع حصينة.
قالوا: فما أوّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: أما إدخال اليد في الدرع فهذه المدينة المنورة، وأما كسر ذباب السيف فهذا رجل من أقاربي يقتل غداً، وأما الأبقار التي تنحر فهؤلاء الشهداء من المؤمنين، وعند الله خير} وفي الصباح بدأت المعركة، وآوى المؤمنون إلى المدينة، وقتل حمزة، وقتل سبعون من الصحابة، فهذه رؤيا من الرؤى التي رآها صلى الله عليه وسلم.