الصفة الأولى: إيمان المرأة بالله تبارك وتعالى، قال سبحانه:{إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[البروج:١٠] فأفرد المؤمنين رجالاً وأفرد المؤمنات نساءً ليدلل سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على أن المؤمنات مخاطبات بهذا الدين.
قال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}[مريم:٩٦] قال بعض أهل العلم: " وُدَّاً: خاصاً بينهم وبين الله ودّهم وحبهم، وقالوا: وُدَّاً: في قلوب الناس"، فالمرأة المسلمة يجعل الله لها وداً في قلب كل مسلم، وسمعنا ونسمع دائماً بالصالحات في المجتمع، زاد الله من أمثالهن ورفع الله درجاتهن، امرأة وريثة أبيها الوحيدة، تصلي الليل، متحجبة، عاكفة على تربية أبنائها، مستقيمة، بنت ثلاثة مساجد، وهي الآن في مشروع المسجد الرابع، تختم القرآن في الأسبوع، تصوم الإثنين والخميس، لها أوراد من التسبيح والأذكار، هذه المرأة يمكن أن يصلح الله بها أو يحمي بها مدينة كاملة، وهذه هي المرأة الصالحة.
زبيدة امرأة هارون الرشيد لما توفيت رآها ابنها الأمين هذا الذي تولى الخلافة بعد أبيه، قال:"ما فعل الله بك يا أماه؟ قالت: كدت أهلك وأهلك أي: أدخل جهنم، قال: وأين عين زبيدة التي أجريتها للحجاج؟! وعين زبيدة في الحرم، قالت: هي أضر عمل علي- لم يأتني السوء إلا من هذا الطريق وهذا المشروع، وهي أجرت العين للحجاج يشربون -قال: كيف؟ قالت: أردت بها رياءً وسمعة {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}[الفرقان:٢٣] قال: فماذا نفعك بإذن الله؟ قالت: نفعتني ركعتان كنت أركعهما في السَّحَر في القصر، قصر أبيك هارون فقد كنت أخرج إذا طلع النجم فأطوف بشرفات القصر قبل أن أصلي ركعتين وأقول: لا إله إلا الله أقضي بها عمري، لا إله إلا الله أدخل بها قبري، لا إله إلا الله ألقى بها ربي، لا إله إلا الله يغفر الله بها ذنبي، ثم أصلي ركعتين، فكانت خيراً من هذا المشروع الهائل".
وقال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}[الكهف:٣٠].
فعلى المرأة: أن تتصل بالله دائماً وأبداً، وأن تربي الإيمان في قلبها، وأن تزرعه بالذكر والنوافل، والتفكر والتأمل في آيات الله عز وجل، الحياة ليست ذهباً وفضة! والحياة ليست زوجاً! بإمكان المرأة أن تعيش بلا زوج، بلا ذهب، بلا فلة، بلا فيلا، بلا سيارة، بلا قصر، إذا كان معها إيمان وعمل صالح، فهي السعيدة الناجية بإذن الله، لكن إذا أخلت بالصلوات الخمس وبطاعة الله وبفرائضه وبالحجاب فوالله لو سكنت في قصور الدنيا واستخدمت أفخر السيارات، وأكلت ألذ المطعومات لكانت هذه عليها لعنة ومقتاً وغضباً من الله، قال سبحانه:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} اسمع {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:٩٧](حياة طيبة) قالوا: حياة الأمن في القلوب {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨] حياة لا يجدها إلا المؤمن.
بعض الناس في قرى آمنوا بالله عز وجل على خبز الشعير، وعلى الماء البارد، يجدون اللذة كأن لذة الدنيا جمعت لهم، في رغد من العيش، وفي فرحة وحبور، ونور وسرور، بماذا؟ بالإيمان.
عهد من الله أن من آمن وعمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة، وأن من أعرض أن ينكد عليه حياته، وأن يغلق عليه الأبواب ويكون خصمه وعدوه الله، والله له بالمرصاد سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، قال سبحانه:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}[آل عمران:١٩٥] هذا جزاء المؤمنة عند الواحد الأحد، ويناقض ذلك الكفر والنفاق والعياذ بالله، {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ}[الأحزاب:٧٣] أخذ الله على نفسه عهداً أن يعذب كل كافر وكافرة، وكل منافق ومنافقة، المنافقة: هي التي تكذِّب بالصلوات أو لا تصلي، وتكذِّب بشيء من الرسالة، أو تخون زوجها في الخفاء، وتظهر بالخشوع والنسك والاستقامة وهي خائنة لله ولرسوله.