تصوروا لو أن هذا الجمع وأمثاله وأضعافه وآلاف أضعافه في العالم الإسلامي يقومون قبل السحر بدقائق وبلحظات، فيرفعون الأكف، وفي أدبار الصلوات وفي السجود، ثم يدعون بالنصر لأهل الإسلام وعلمائه ودعاته، ويدعون بالمحق والسحق والهزيمة والخذلان لأعداء الله.
فما النتيجة؟!!
قدِّر أن واحداً قُبِلَتْ دعوتُه! أليس فينا رجل رشيد؟! أما في هذا الجمع والوجوه المكرمة الموقرة رجل يعلم الله أنه صادق؟! لماذا؟ لأن الولاية لا زالت لله، ولله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أولياء من عباده، والولاية ليست حكراً على قسم السنة في أصول الدين، ولا قسم العقيدة في الشريعة، ولا القضاء، ولا العلم، ولا الفُتيا، وإنما هي منثورة مبذولة من الواحد الأحد فهناك الولي في بقالةٍ، أو بنشرٍ، أو مؤسسةٍ، أو عيادةٍ، أو مستشفىً، أو وزارةٍ، أو دائرةٍ، أو مدرسة؛ لأن الله ينثر المناقب كما ينثر المثالب.
أيضاً مما يُجَمِّل هذا المجلس: أنه مجلس لا يرتاده إلا من يريد الإسلام لذاته، والله يأمر رسوله عليه الصلاة والسلام في لفتة من لفتات القرآن أن يأتي إلى الفقراء، وأن يجلس مع المساكين، وأنا أعلم أن بعض من يأتي هم من الأغنياء والأثرياء، ولكن هكذا مسيرة المساكين؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو إمام المستضعفين؛ لأنه حررهم؛ ولذلك أحبوه، وعشقوا سيرته، وقدموا جماجمهم في نصرة مبادئهم في أحد وفي بدر والقادسية واليرموك {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}[الكهف:٢٨].