للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم اللعن وقطع الأرحام]

السؤال الأول: أب لا يمر عليه يوم واحد حتى يلعن زوجته وأولاده؛ كما أنه لا يصل رحمه، فإذا نصح تمادى في غيه وسبه وشتمه، أرجو من شيخنا التوجيه في هذا؟

الجواب

أسأل الله أن يهدي هذا الأب وكل ضال من ضلال المسلمين، وأن يرده إليه رداً جميلاً، فإن الله يتوب على من تاب والهداية بيده تعالى، وليعلم هذا الأب أن اللعن من كبائر الذنوب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: {لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة} ويقول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: {ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء}.

فحذارِ حذارِ من اللعنة؛ فإن معناها: الطرد والإبعاد من رحمة الله، فقد يلعن الولد فتصادف ساعة استجابة من الله لا يسأل فيها شيئاً إلا أعطاه، فيلعن ولده فيطرد الله هذا الولد من رحمته أبد الآبدين.

أو يلعن زوجته فيطردها الله من رحمته أبد الآبدين.

مر عليه الصلاة والسلام في غزوة، وفي الجيش امرأة معها ناقة، فقالت المرأة للناقة: لعنك الله! - تلعن الناقة - فقال صلى الله عليه وسلم: {خذي متاعك من على الناقة واتركيها لا تصحبنا ناقة ملعونة} فكيف بالزوجة؟! فيكيف بلعن الأهل والأولاد؟! كيف يأتي حسن الخلق؟! كيف ينزل الله السكينة؟! كيف تغشى الرحمة؟!

فيا أيها الأب! حذارِ حذارِ، فليس لديك كفارة إلا التوبة، أما المرأة فلا تطلق باللعنة - بعض الناس قد يتوهم أن المرأة عليها أن تذهب إلى بيت أهلها، لا.

مهما لعن فإنها لا تطلق، بل هي زوجته وما زالت، لكن تنقص البركة ويكتسب أكثر الذنوب، ويقل الله السكينة في البيت، ويدخل الشيطان والعياذ بالله.

فأنا أوصيك أولاً أن تجتنب اللعنة، وأن تستغفر، وتتصدق لعل الله أن يكفر عن سيئاتك: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:١١٤].

أما قوله: إنه يقطع أرحامه، فلا إله إلا الله ما أعظم قطيعة الرحم! من أعظم الذنوب والخطايا: قطيعة الرحم، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:٢٢ - ٢٣].

فوصيتي إليك أن تتوب وتعود إلى أرحامك ولو قطعوك، أن تصلهم ولو آذوك، أن ترحمهم وتعطيهم ولو منعوك: {أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم -والحديث عند مسلم - قال: يا رسول الله! إن لي قرابة أحسن إليهم ويسيئون إلي، وأصلهم ويقطعونني، وأرحمهم ويؤذونني، فقال صلى الله عليه وسلم: إن كنت كما تقول فلا يزال معك من الله ظهير -أي: نصير- وكأنما تسفهم المل} أي: كأنما تحرقهم بالرماد الحار.

فوصيتي لك أن تصل رحمك، وأنت سوف تقف أمام الله باكياً نادماً مثبوراً إن لم يتداركك الله برحمة منه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>