عند الترمذي والإمام أحمد من حديث معاذ رضي الله عنه وأرضاه، قال:{كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة -قال بعض الحفاظ: غزوة تبوك - فاقتربت منه، قلت: يا رسول الله! دلني على عمل يقربني من الجنة، ويباعدني عن النار؟ -ما أحسن السؤال! وما أحسن الإيراد! وما أعجب المقال! - فقال عليه الصلاة والسلام: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه} فاسمع إلى مؤهلات الجنة، واسمع إلى الأبواب التي توصل إليها، واسمع إلى هذه الخصائص التي أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم، والمفاتيح التي تدخلك أبوابها، لا الشهادات!! لا المؤهلات!! لا المناصب!! لا الجاه والشهرة والرياء والسمعة!! كلها تسقط هباءً منثوراً:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}[الفرقان:٢٣].
قال عليه الصلاة والسلام، وهو يتحدث عن الأعمال الموصلة إلى الجنة:{تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ثم قال: ألا أدلك على رأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: الصيام جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا عليه الصلاة والسلام {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[السجدة:١٦] ثم واصل الوصية عليه الصلاة والسلام، فقال: ألا أدلك على ملاك ذلك كله؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: كف عليك هذا، وأخذ بلسان نفسه، فتعجب معاذ -أفي الكلام حساب وعقاب؟! أفي المقال نكال وعذاب؟! - فقال: يا رسول الله! أئنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: ثكلتك أمك يا معاذ -إلى الآن ما فهمت هذه القضية- وهل يكب الناس في النار على مناخرهم -أو قال: على أنوفهم- إلا حصائد ألسنتهم} هذه وصية أهداها صلى الله عليه وسلم، تحمل العبادات، بل مفاتيح الجنة.