للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أعرابي يتكلم مع الحجاج في الحرم]

قال طاوس بن كيسان، وهو من تلامذة ابن عباس الأبرار الأخيار، ومن راوة البخاري ومسلم والمسانيد، قال: دخلت الحرم أعتمر، فلما أديت العمرة جلست عند المقام بعد أن صليت الركعتين، ولما انتهيت جلست ألتفت إلى الناس وأنظر إلى البيت، وإذا بجلبة السلاح والسيوف والدرق والحراب، فالتفت فإذا هو الحجاج بن يوسف! وهو أمير سفاك، تقول فيه ليلى الأخيلية

حجاج أنت الذي ما فوقه أحد إلا الخليفة والمستغفر الصمد

تقول: أنت يا حجاج ليس فوقك إلا الله ثم الخليفة ثم أنت الثالث.

ولقد قتل مائة ألف نفس، وقتل سعيد بن جبير، قال أحدهم: رأيت الحجاج في المنام فقال: إن الله قتلني بكل نفس قتلتها مرة إلا سعيد بن جبير قتلني به على الصراط سبعين مرة.

دخل الحجاج فسمعت الجلبة، وعنده خدم وحرس وجنود، قال: فرأيت الحراب فجلست مكاني، وبينما أنا جالس إذا برجل من أهل اليمن فقير زاهد عابد، أقبل فطاف بالبيت، ثم أتى ليصلي ركعتين، فتعلقت حربة من حراب الحجاج بثوب هذا اليمني الأعرابي فوقعت على الحجاج؛ فأمسكه وقال: من أنت؟

قال: مسلم.

قال: من أين أنت؟

قال: من اليمن.

قال: كيف تركت أخي؟

أخوه ظالم مثله اسمه محمد بن يوسف وهذا الحجاج بن يوسف أي: كيف صحة أخي؟

قال: تركته سميناً بطيناً لكنه ناحل في الدين.

قال: ما سألتك عن صحته بل عن عدله؟

قال: تركته غشوماً ظلوماً!

فقال: أما تدري أنه أخي؟

قال: من أنت؟

قال: أنا الحجاج!

قال: أتظن أنه يعتز بك أكثر من اعتزازي بالله؟

قال طاوس: ما بقيت شعرة في رأسي إلا قامت، ثم أفلته الحجاج.

لماذا؟

لأنه توكل على الله: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:٦٤].

فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان

<<  <  ج:
ص:  >  >>