للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسباب أهمية رسالة محمد صلى الله عليه وسلم]

والبشرية محذرة بخطر ممنوع الاقتراب: بالعقوبة على اللامبالاة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم: لماذا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؟

لماذا الشريعة وحدها؟

لثلاثة أسباب:

أولاً: لأنها من عند الله، قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:١ - ٣] {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران:٧].

ثانياً: لأنها كاملة، قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٣٨] وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣].

يا أيها الإخوة: قفوا لحظة، فالله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم في عرفة، وهو يقف أمام البشرية، ويتحدث عن حقوق الإنسان، وعن حقوق المرأة، فينزل الله عليه ويموت بعدها بأيام صلى الله عليه وسلم قيل: بواحد وثمانين يوماً، وقيل: باثنين وثمانين يوماً، وقيل: باثنين وثمانين يوماً، فينزل الله عليه يوم عرفة قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] يقول الله: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يضع الحجر على بطنه من الجوع.

يقول: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] وهو يسكن بيت الطين.

يقول: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] وهو يلبس الثوب الممزق.

يقول: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] وهو لا يجد إلا حصيراً من سعف النخل ليجلس عليه.

يقول: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] وهو لم يشبع ثلاثة أيام متوالية، فما هي النعمة؟

نعمة لا إله إلا الله نعمة الرسالة والإيمان نعمة الجنة نعمة البصر والبصيرة والمنهج الرباني الخالد نعمة الاستنقاذ من السجود للوثن وللصنم وللخمر وللتهتك في حرمات الله، هذه هي النعمة حقيقة.

فلما تحول الناس وظنوا أن النعمة أن تكدس البطون من الأرزاق التي قد يأكلها الثور والحمار، وأن تبنى الفلل، وأن تركب السيارات الفاخرة، وأن تسكن القصور العامرة، ثم يتولون عن نعمة لا إله إلا الله، حينها أخفقت الأمة، ملكنا الدنيا فخسرنا الدين، وقبل كان معنا الدين وكنا بالثياب الممزقة نفتح العالم.

فهذا ربعي بن عامر رمحه مثلم يوم دخل على رستم وعمر بن الخطاب بردته فيها أربع عشرة رقعة ويهدد امبراطورية كسرى وقيصر ويسقطها في لحظات.

ويدخل سعد بن أبي وقاص بحذاء من جلد الجمل فيرى إيوان كسرى فيقول: الله أكبر!

ويقول سعد وهو يبكي: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان:٢٥ - ٢٧].

محمود بن سبكتكين كان جيشه ألف ألف مسلم -مليون مسلم- هذا محمود يوم فتح الهند أرادوا أن يعطوه ذهباً رشوة، وقالوا: اترك البلاد، وهذه أصنام من ذهب خذها واترك بلادنا، فقال: لـ إياس! مولاه الخادم: يا إياس! ما رأيك، أنأخذ هذه الأصنام ونعود إلى بلادنا سالمين غانمين ولا نقتل ولا نقاتل؟

قال إياس: أستغفر الله! وهذا إياس مسلم وكلهم عجم لكن حملوا لا إله إلا الله.

قال إياس: أستغفر الله، قال: لماذا؟

قال: أتريد أن يدعوك الله يوم القيامة يا مشتري الأصنام؟ فكسر الأصنام واذبحهم عليها، أما تريد أن يدعوك الله يوم القيامة يا مكسر الأصنام، يعني: هذا كلام لا يصلح، هذا محمود وإياس نصروا الإسلام في فترة من فترات التاريخ.

فمحياه محمود، فهو يريد أن يختبر إياس.

وقال محمود لملك الهند: لا والله! لأكسرن رأسك على هذه الأصنام حتى يدعوني الله يوم العرض الأكبر: يا مكسر الأصنام.

فابتدأ الهجوم وكسر رءوس ملوك الهند على الأصنام وأحرقها، وفتح الهند بلا إله إلا الله، فحياه محمد إقبال بقوله:

محمود مثل إياس قام كلاهما لك بالعبادة تائباً مستغفرا

العبد والمولى على قدم التقى فارحم بوجهك عبد سوء في الثرى

أي: أن محمود مثل إياس كلهم مولى.

ويقول في القصيدة الأخرى التي يحيي فيها محمود؛ لأنه من جماعة محمد إقبال وقد كان p=١٠٠٠٥٥٣>> محمود بن سبكتكين يسجد ويبكي، ويقول: اللهم اغفر لعبدك الكلب محمود، وهي مذكورة في التاريخ، هذا من التواضع وهو يقود ألف ألف، أي: مليون مقاتل.

هذا محمود يقول عنه محمد إقبال:

كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا

لو كان غير المسلمين لحازها كنزاً أو صاغ الحلي والدينارا

والأمر الثالث: أنها نزلت على معصوم لا ينطق عن الهوى ولا يتحدث عن خواطر النفس، ولا هواجس الرأس، ولا يكون له قرار اليوم وينقضه غداً أو ينقضه بعد غد، بل يتكلم بشريعة ربانية تستمر مع الإنسان حتى يلقى الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>