[قول أهل التصوف في معنى: السمع والبصر في الحديث]
يقول أهل الفناء: معنى الحديث: أنه يفنى بإرادته عن إرادته, ومعنى: كنت سمعه الذي يسمع به: أن العبد يفنى بإرادة الله عن إرادة نفسه, وبشهود الله عن شهود نفسه, فيكون في إرادة الله عز وجل وفي شهوده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى, وهذا خطأ, لكنه أخف خطأً من الذي يأتي بعده.
وقال أهل الاتحاد - وأهل الاتحاد للبصيرة والبينة لمن لم يعرف أهل الاتحاد وأهل الحلول هم طائفتان كافرتان مجرمتان في الإسلام-: يقولون: كل ما في الكون هو الله, اتحد الله في الأجسام, فلا ترى إلا الله في الناس والحيوانات والطيور والأشجار وكل شيء تجد الله قد اتحد فيهم.
فقالوا في معنى الحديث: إن الله إذا وصل العبد إلى منزلة من الخير والبر والصلاح والولاية يتحد فيه, فيكون الله في صورة العبد جلّ الله وتعالى عما يقولون علواً كبيراً!!
وقالوا: وما دام جبريل عليه السلام أتى بصورة دحية بن الخليفة الكلبي , فكذلك قد يأتي الله في صورة العبد, إذا بلغ العبد في الولاية مبلغا ًعظيماً يتصور الله بصورته, {سُبحَانَهُ وَتَعَالَىَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} [الاسراء:٤٣].
وهذا من أخطر الأقوال في الإسلام، وهذه مقالة ابن عربي صاحب الفصوص والفتوحات المكية، وابن سبعين , حتى يقول ابن تيمية لما ذكر هذا القول: إن صح عنه هذا القول فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وهذا كفر بواح ما أكبر منه.
إذاً هذا رأي لهم, وإنما عرضت إليه لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥] وليكون المسلم على بصيرة؛ لأن طالب العلم لا يكفيه أن يعرف الحق بل لا بد أن يعرف مع الحق الباطل, قال عمر رضي الله عنه وأرضاه: [[إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة من قوم نشئوا في الإسلام لم يعرفوا الجاهلية]] وليس الفطن الذي يعرف الخير, لكن الفطن الذي يعرف الخير والشر.
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه
ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه
ولذلك لا بد للمسلم أن يعرف المذاهب الهدامة وماذا يقولون؛ لأنه ربما لُبِّس عليه فيظن أنها من مذهب أهل الحق.