الشاهد أن الأحنف بن قيس، يقول: أخذت الحلم عن قيس بن عاصم.
كنا جلوساً عنده، فلما كان محتبياً بحبوته -الحبوة كالكيس وكاللفافة والقماش يلفه العربي على ركبتيه- قال: فاحتبينا في مجلسه وكان سيد بني تميم معه عشرة ألف سيف، إذا قال: الله أكبر، قالوا: الله أكبر.
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
دخلت الجارية وقالت: ابنك قتله ابن أخيك، قال: غسلوه وكفنوه؛ فإذا كفنتموه فأخبروني، فقال: والله ماحل حبوته ولا تزحزح من مكانه، فغسلوا ولده وكفنوه فقام فصلى عليه، ثم قال: ادفنوه، وأرسلوا لفلانة التي قتل ابنها بمائة ناقة، فإنها امرأة غريبة.
فهل بعد هذا الحلم حلمٌ؟! اكتسب الأحنف بن قيس حلمه من قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنهم جيمعاً، فـ الأحنف مخضرم وقيس صحابي، والكل عند الله من المقبولين إن شاء الله، ذهب الأحنف يريد لقاء الجيوش، مع علي بن أبي طالب فأخذ سيفه، فلقيه أبو بكرة نفيع بن الحارث من أهل الطائف، قال أهل العلم: كُني أبو بكرة بهذه الكنية لأحد سببين، إما لأنه نزل من الطائف على بكرة -ناقة- فقال صلى الله عليه وسلم: على ماذا نزلت؟ قال: على بكرة، قال: فأنت أبو بكرة وقيل: على البكرة هذه العجلة أنزل عفشه ومتاعه فسمي بها، وكلا الرأيين ليس بينهما بون، فقد يكون حصل له هذا أو هذا، ويقول الرواة: إن أبا بكرة هذا صام حتى أصبح جلداً على عظم من العبادة، ويقولون من رآه يراه كأنه سهمٌ من كثرة عبادته واتصاله بالله تبارك وتعالى.