[تمام الشريعة وكمالها]
الحمد لله رب العالمين, ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وقدوة الناس أجمعين, وعلى آله وصحبه والتابعين, أمَّا بَعْد:
أيها الإخوة النبلاء! عنوان هذه المحاضرة "احذروا البدع".
البدع تشويه للإسلام, وجرح لوجه هذه الرسالة التي أتى بها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام, وهي علامة على تخلف الأمة, وعدم معرفتها لميراث نبيها صلى الله عليه وسلم, والبدع طريق للكافر للدخول لخدش الدين وتشويه معالمه.
ولهذه المحاضرة عناصر:
١ - الأسباب التي أدت إلى انتشار البدع في الأمة الإسلامية.
٢ - أضرار البدع وأخطارها.
٣ - من صور البدع ونماذج من البدع الموجودة في العالم الإسلامي.
٤ - الوسائل التي تكافح وتحارب بها البدع.
وقف عليه الصلاة والسلام في عرفات في حجة الوداع -وهي الوحيدة التي حجها عليه الصلاة والسلام- فأنزل الله قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣] معنى الآية: تم الدين, وكمل وانتهى التشريع, فليس لأحد من الناس ولا من البشر أن يشرع أو أن يقترح في دين الله, ولا أن يستحسن من جيبه ولا من كيسه شيئاً, فالشريعة توقيفية, قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام, وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها إلا هالك} فانتهى الأمر, وهي بيضاء كالشمس، مسلوكة مدروسة.
يخطب أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه في أول خطبة فيقول: [[يا أيها الناس! إني متبع ولست بمبتدع]] هذه مؤهلات الخليفة, فأول شيء يفعله أبو بكر أنه يعلن سياسة حكومته, وهذا أسلوب عصري, يستخدمه مثل صاحب الرحيق المختوم المباركفوري وأمثاله, أول بند: إني متبع ولست بمبتدع, فأنا إذا قرأت عليكم دستوراً فإنما هو من القرآن والسنة.
شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات
ويقول عليه الصلاة والسلام: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} رواه مسلم , فمن عمل عملاً ليس عليه أمرنا, ولا أتاه بيان من الله ولا نور, ولا هداية, ولا عليه أثر من دليل فهو مردود يضرب به وجه صاحبه, ولو كان شيخ المشايخ, ولو كان مفتي الدنيا؛ لأنه لا يطلب إلا من هناك, من عند محمد عليه الصلاة والسلام.
يقول مالك: "ما منا إلا رادٌ ومردود عليه, إلا صاحب هذا القبر " عليه الصلاة والسلام, وصح عنه عليه الصلاة والسلام في لفظ آخر أنه قال: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} وكلمة أحدث توحي أنه عمل حدثاً في الدين, وأنه أتى بشيء مر, وأتى ببشاعة وبوقاحة، ولذلك يسمون الحدث الأصغر والحدث الأكبر, ويسمون أهل الحداثة: حداثة؛ لأن حدثهم أكبر.
هؤلاء الحداثيون حدثهم أكبر والنظر إليهم ينقض الوضوء, وهذه ليست فتوى, ومن نظر إليهم فعليه أن يتعوذ من الشيطان الرجيم, فسمَّوهم أهل الحداثة لأنهم محدثون في الدين, وحدثهم أعظم من الجنابة, لأن الجنابة تغسل بالماء ولكن هم لا يغسلون.
تلطخ ما تدنس منك حتى كأنك في حياتك ما طهرتا
وتشفق للمصر على الخطايا وترحمه ونفسك ما رحمتا
مشيت القهقرى وخبطت عشوى لعمرك لو وصلت لما رجعتا
والله لو رأيت نور محمد ما رجعت, ولا استهزأت, ولا سخرت, ولا نكصت, ولا عدت, ولا تقهقرت لكنك -للأسف- ما رأيت نور محمد.
ويقول عليه الصلاة والسلام: {وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} فكل من استحدث في هذا الدين فهو مبتدع.