القسم الأول: ذكر بالقلب واللسان، وهو أرفع الذكر وأعظمه، فالذكر أن تذكر الله بقلبك ولسانك، تسبح باللسان وأنت تتفكر في معنى التسبيح، تستغفر باللسان وأنت تتفكر في معنى الاستغفار، وتصلي على الرسول عليه الصلاة والسلام بلسانك وأنت تعيش بقلبك معنى الصلاة، فهذا أرفعها.
القسم الثاني: ذكر الله بالقلب بلا لسان: من الناس من لا يحرك لسانه، لكن قلبه يذكر الله.
القسم الثالث: ذكر الله باللسان بغير القلب، وهذا مأجور عليه العبد، ولو أنه لا يصل إلى درجة ذكر القلب، ولا ذكر القلب باللسان، لكن يؤجر عليه، والدليل على ذلك ما رواه الترمذي بسند صحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:{يقول الله تبارك وتعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه} وقوله عليه الصلاة والسلام عند الترمذي عن ابن بسر: {لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله} فدل على أن ذكر اللسان بغير قلب يؤجر عليه العبد.
أبو مسلم الخولاني، أحد التابعين الكبار، يقولون: كانت لسانه لا تفتر من ذكر الله، دخل على الأسود العنسي مدعي النبوة عليه لعنة الله في صنعاء اليمن، أحد الثلاثين الكذابين الذين زعموا أنهم أنبياء- فدخل أبو مسلم الخولاني على الأسود العنسي فكذبه، فقال له الأسود: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم.
قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: لا أسمع شيئاً، فجمع له حطباً، وأوقد ناراً، وأُتي بهذا الرجل الصالح فألقوه في النار؛ فجعلها الله برداً وسلاماً عليه، فلما قدم على أبي بكر، عانقه أبو بكر وعمر، وقالوا: مرحباً بمن فُعل به كما فعل بإبراهيم الخليل عليه السلام.
هذا العبد يقولون: إنه كان لا يفتر أبداً من ذكر الله صباح مساء، وكان لا ينام إلا قليلاً من كثرة ذكره لربه تبارك وتعالى.
ومن أقسام الذكر: طلب العلم ومدارسته؛ بل هو أعظمها عند أهل العلم، فجلوسك في معرفة الصلاة ومعرفة الصيام، ومعرفة البيع والشراء، ومعرفة أبواب الفقه، والتفسير والحديث، من أعظم أنواع الذكر عند الله عز وجل، وهي مجالس الجنة ومجالس الإيمان.
أما الذاكرون الله كثيراً، فقد سبق عرض ذلك، وهم: الذين يذكرون الله في كل لحظة، ولا يفتئون يذكرون الله دائماً وأبداً، وأقول لكم كما يقول السلف: من حافظ على الأذكار الشرعية الواردة عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام، فهو من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.