للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقتل طاغية رومانيا]

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون.

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر:١]

أشهد أن الله حق، واليوم الآخر حق، والنبيين حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والجنة حق، والنار حق، وأشهد أن هذا الدين حق.

اللهم صل على نبيك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، لا إله إلا الله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:٨٨] {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].

{قُل اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:٢٦ - ٢٧].

قبل أيام قتل الله مجرماً من المجرمين، ودكتاتوراً عاصياً ظالماً هو رئيس رومانيا حيث ذبح كما تذبح الشاة وذلك بعد خمس وعشرين سنة أو أكثر، من الظلم الأحمر ظلم الآمنين روَّع الأطفال، وقتل الشيوخ استولى على أموال الناس وظن أن قبضة الله لا تدركه، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، فطرح في الأرض، وديس هو وزوجته على التراب: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:٤٥] لقد ظلم وعتا وتجبر واستكبر وذهب بنفسه هو وجنوده، فأخذه الله وجنوده: {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ} [القصص:٨١] {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:١٢٩] فالناس حين تركوا منهج الله، وعصوه، وكفروا بلا إله إلا الله، وعطلوا القيم، وخرجوا عن المبادئ، وكفروا كفراً بواحاً، وما اتجهوا إلى الله، فسلط الله عليهم هذا الديكتاتور فعتا في الأرض وأفسد، ولكن قبضة الله نالته وانتهى أمره، وأخذت قصوره التي ليست في الدنيا ما يشابهها إلا القليل، وسار لسان الحال يقول: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل:٥٢] {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].

كم حكم هذا الطاغية؟

لقد حكم أكثر من ربع قرن، ولكن حلم الله واسع، فمن الناس من يظلم ويتجبر ويسفك الدماء، ويظن أن الله لا يراه، ولكن الله يقول: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم:٤٢ - ٤٣].

ذهب وانتهى، ولذلك قال سبحانه في الطغاة لما قتلهم: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأعراف:٥] وقال سبحانه: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ} [الأنبياء:١٥].

وهذا المجرم كان قد أخذ من الحراسة سبعين ألفاً من الشرطة السرية، كان ينام كل ليلة في قصر، وتمتلئ الشوراع بالحراسة إذا خرج، ولكن لا حراسة من الله، لأن الذي لا تحرسه عناية الله وعينه، فلا حامي له ولا حارس.

وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالحوادث كلهن أمان

فهو حرس نفسه، لكنه لم يحرسها من المعاصي والإجرام والظلم فانهارت هذه الألوف المؤلفة كان معه سبعون ألفاً ولكن!

سبعون ألفاً كآساد الشرى نضجت جلودهم قبل نضج التين والعنب

مدججون بالسلاح، يقفون لهذا المجرم بإشارة، ويجلسون بإشارة، ولكنه ما حرس الله فما حرسه الله، لقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام كلمة هي قاعدة في الحياة لكل مخلوق، يقول: {احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة}.

أيها الدكتاتور المجرم! إن الحراسة ليست بالجنود ولا بالسلاح والعتاد، إنما الحراسة بالعدل.

ويا أيها المجرم الظالم! إن الحراسة ليست بالسلاح والرشاش، ولكنها بأن تحرس حدود الله وتراقب حرماته.

<<  <  ج:
ص:  >  >>