ومن سادات التائبين والعائدين إلى الله عمر بن الخطاب، سلام على عمر، وبيض الله وجه عمر، نشهد الله عز وجل أننا نتقرب بحبه رضي الله عنه وأرضاه، مثلما يفعل ابن تيمية إذا ذكر عمر قال: رحم الله تلك العظام، حصن من حصون هذا الدين، إنسان وقف سداً منيعاً في وجه كل مبتدع وملحد وزنديق حتى خافته الشياطين، فإن الشيطان العفريت يأتي من طريق وعمر من طريق.
يقول حافظ إبراهيم في عمر:
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
للملوك تنحوا عن مناصبكم فقد أتى آخذ الدنيا ومعطيها
لما اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
يقول ابن كثير في البداية: قال أنس: [[رأيت عمر بن الخطاب أخذ عصا ثم مال وراء جدار من جدار الأنصار، ثم أخذ يضرب أرجله ويبكي ويقول: يا عمر اتق الله، والله إن لم تتق الله ليعذبنك الله عذاباً ما عذبه أحداً من الناس]] يضرب نفسه بالعصا، أي قلب هذا القلب الكبير رضي الله عنه وأرضاه؟!
أول عودة له أخذ السيف يريد أن يقتل الرسول عليه الصلاة والسلام كما يقول بعض المفكرين والأدباء العصريين يريد أن يقترف أعظم جريمة في تاريخ الإنسان، فلما ذهب رضي الله عنه وأرضاه لقيه رجل فقال: إلى أين؟ قال: أريد أن أذهب إلى محمد أقتله، قال: هون عليك، أختك أسلمت وهي تقرأ القرآن عند صهرك.
فعاد مغضباً يكاد يهشم الجدران والسيف معه، وأنصت عند البيت وأخته ترفع صوتها مع زوجها؛ فأدخله هذا الموقف الإيمان، وهي تقرأ قوله:{طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلا * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:١ - ٥].
كلمات ما أظن أن الإنسان يقف إن كان في قلبه ذرة من الإيمان ويسمعها إلا ويهتدي ويزداد هدىً ونوراً، إلا إنسان أغلق الله قلبه وأغفل عليه.
فدخل ولكنه ما سمع الآيات كما ينبغي؛ فلطم أخته وضرب زوجها، وهم لا يقفون له أبداً حتى أدماهم ثم جلس، وقال: أريد أن أقرأ الصحف، قالت أخته: أنت نجس وهذا القرآن طاهر، قالت: اذهب واغتسل، فاغتسل وأخذ الصحف يقرؤها، فقرأ سورة طه وهو عربي يعرف من أنزل هذا القرآن، قال تعالى:{قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[الزمر:٢٨] وقال: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر:٢١]{قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}[الإسراء:٨٨] فقرأ ولما وصل إلى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] انهد باكياً، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ووضع يده في يده وأعلن إسلامه، وشهد أن لا إله إلا الله، وأعلن النصر معه إلى آخر قطرة من دمه، وبالفعل كان تاريخاً حافلاً، وأنا أوصي إخوتي في الله أن يقرؤا سيرة عمر بكثافة، وأن يقرءوا عجائبه وزهده وعبادته، فإن قراءة قصص هؤلاء العظماء في الإسلام تزيد الإنسان بصيرة في الدين، قال تعالى:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر:١٨].