[ضرورة التماس العذر للمخالف]
المسألة السابعة: لماذا لا يتلمس بعضنا لبعض العذر؟
فقد يكون وهم في المسألة، ولعله أراد كذا فأخطأ، لماذا لا نبدي أولاً حسن النية؟ يقول أحدهم لـ ابن السماك: غداً نتعاتب، قال: بل غداً نتغافر.
يقول: غداً أنا وإياك نلتقي ونتعاتب وأحاسبك، قال: لا.
غداً نتغافر, ألقاك فتقول: غفر الله لك، وأقول لك: غفر الله لك, هذا هو منطق الإيمان.
أيها الإخوة: لا بد أن نلتمس الأعذار للمسلمين من أهل السنة، الذين أخطئوا في مسائل، لأن الخطأ منهم هو ناشئ إما من الوهم، أو أن الدليل ما وصلهم، أو سبق لفظ، أو أرادوا شيئاً ما فهمناه، وكان اللازم أن نسألهم قبل أن نشهر بهم في الأشرطة والكتيبات ومن على المنابر، لماذا لا نقف معهم ونحاورهم كما فعل أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؟
ذكر صاحب كنز العمال: "أن أبا سفيان بن حرب طرق الباب على علي بن أبي طالب في الليل، بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد أخذ أبو بكر الخلافة, وهو من بني تيم من أسرة صغيرة ضعيفة، وعلي بن أبي طالب من أسرة بني هاشم، ومنطق الجاهلية يرى أن الخلافة ليست إلا في علي؛ لأنه من أسرة كبرى، وأما أبو بكر فمن أسرة صغيرة.
فخرج علي سيد الشجعان في ظلام الليل وعليه إزار، قال أبو سفيان: يا علي! إن كنت تريد الخلافة، فو الله! لأملأن عليك المدينة خيلاً جرداً، وشباباً مرداً -يعني: مقاتلين- حتى يسلموا لك الخلافة بالقوة، فأخذ علي بتلابيب أبي سفيان وهزّه، وقال: [[يا أبا سفيان! إن المنافقين غششة، وإن المؤمنين نصحة]] إن الذي يسعى بالدس والغش بين الناس فيه نوع من النفاق، أما المسلم فناصح، ولذلك يقول الشافعي:
تعمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
ونخشى -والعياذ بالله- من سوء النيات، لأن من يريد الرد على بعض الذين برزوا في العلم، والدعوة، والفكر، والرأي، والأثر الطيب، والبلاء الحسن؛ يريد أن يشتهر، وبعضهم يريد أن يتسلق على أكتاف العظماء، أو الفطناء أو الألباب حتى يظهر هو وبئس ما فعل! وبئس ما حصل عليه، ويا خسارتاه!