للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الجمع بين حديث: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) وبيان ذم الكثرة]

السؤال

قلت: إن الكثرة دائماً معها الضلالة والخطأ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {لا تجتمع أمتي على ضلالة} فما هي درجة هذا الحديث؟ وكيف يوفق بين هذا الحديث وما قلت؟

الجواب

أنا ما قلت دائماً أن الكثرة معها الخطأ، بل قلت في الغالب وفي الجملة، وفي الاستقراء من الكتاب والسنة أن الكثرة دائماً مذمومة، {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة:١٠٠].

ولكن لا بد من احترازات؛ فإن الكثرة قد تصيب، وأنا ما قلت ذلك على إطلاقه، أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {لا تجتمع أمتي على ضلالة} فهذا الدليل على الإجماع، فلا تجتمع على ضلالة، إذا اجتمعت الأمة علماؤها واجتمع جمهورها على أمر، فيعلم أنه حق، مع العلم أن هذا الحديث ليس بصحيح وفيه ضعف، ولو أنه صحيح لأخذه الشافعي به من أول الطريق وارتاح؛ لأنه جلس يقرأ القرآن عشرات المرات حتى أخرج دليل الإجماع الذي يقول فيه ابن حزم الظاهري والشوكاني: ليس بدليل للشافعي رحمه الله؛ لأنه يقول: قرأت القرآن أبحث عن الإجماع حتى وجدت قول الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:١١٥].

مع العلم أنه ليس كما تعرفون، وليس بقاطع في الإجماع؛ لأنه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} [النساء:١١٥] والذي يخالف في رأي ما شاق الرسول صلى الله عليه وسلم بل فهم أمراً: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:١١٥].

فقالوا: إن التهديد والتنديد والتوعيد بنار جهنم إنما هو على أمور كفرية اعتقادية تخرج صاحبها، مع العلم أني لا أناقش أدلة الإجماع في هذا المكان إنما أقول: إن هذا الحديث ضعيف.

وأما استدلال الجمهور بالإجماع، فهذا له بحث آخر، والإجماع حجة عند أهل العلم، إلا من أنكره بأدلة، لكن يقول بعض أهل العلم: لم تثبت مسألة واحدة أنه أجمع عليها الناس حتى نقلت إلينا, حتى إجماعات ابن المنذر يقول الإمام أحمد: هي كمهب الريح، يقول: أجمع الناس على أن الظهر أربع.

معروف، وأجمعوا على أن المغرب ثلاث، وأجمعوا على أن الفجر ركعتان، فهذه تعرف من النصوص الصريحة الصحيحة، لكن الإجماع حجة لا شك، والأمة إذا أجمعت وإذا تألفت كلمتها، فإجماعها حجة، ولا يرد الإجماع إلا من لا يرى حجية الإجماع، "وفسر الماء بعد الجهد بالماء".

<<  <  ج:
ص:  >  >>