للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[آيات الله في الكون]

العنصر الأول: آيات الله في الكون في طريق الرحلة: البحر، الليل، الكون، القمر، النجوم:

ذهبنا من الرياض بعد صلاة العشاء، وهبطنا في مطار جدة وتوقفنا ساعتين، ثم طرنا متوكلين على الواحد الأحد، فيما يقارب الساعة الحادية عشرة، وكانت المسافة بين جدة ونيويورك ثلاث عشرة ساعة، لا توقُّف في الرحلة أبداً، معلق أنت بين السماء والأرض، وأنت تنظر في كون الواحد الأحد: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات:٤٧ - ٤٨] ولن ترى الأرض ولن ترى السماء كمثل ما تراها وأنت في هذه الرحلة.

أصبحَت المدن كأنها رءوس الدبابيس تحتنا.

أصبحَت النجوم تتلألأ كأن كل نجمة تقول لك: لا إله إلا الله.

أصبحَ الكون يطل بإشعاعاته من نافذة الطائرة، مرة تمر بك كذا، ومرة كذا.

دخلنا على سماء المحيط، فمكثنا على الماء ما يقارب السبع الساعات، ماء تحتنا، اليابسة قليلة، والماء مغدق، والليل عجيب، نحن نطارد الصبح؛ لأننا يوم خرجنا الحادية عشرة كنا نذهب نحو المغرب، فنحن نطارد الصبح ويطاردنا، فتأخر الصبح ما يقارب ست ساعات، وصلينا خمسة فروض في الطائرة، ومكثنا في هذه الرحلة نقرأ آيات الله في الكون، وتذكرنا قوله سبحانه وتعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:١٧ - ٢٠] وقوله: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق:٢٠] وقوله: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} [الطور:٣٥ - ٣٦] مَن الذي جمَّل هذا القمر؟ مضيفة من مصر كانت عندها شهادة جامعية، ذهبت في زيارة لـ أمريكا قبل أشهر، فلما رأت الكون في الليل أعلنت إيمانها وتابت وعادت وأصبحت داعية.

إن هذا الكون يفرض عليك أن تؤمن بالله، وأن تعلم أن لا إله إلا الله، ومشت بنا الرحلة لا يحفظنا إلا الله في حَدِيْدة بين السماء والأرض، لو توقف مسمار أو سلك لهبطنا؛ ولا ينقذنا إلا الواحد الأحد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>