[خساسة الكذب]
الكذب ذميمة عند العرب في الجاهلية فكيف بالإسلام؟!
يقول أبو سفيان عند هرقل: فلولا أن يأثروا عني الكذب لكذبت، أي: أخاف أن ينقل عني العرب أني كذبت فتركت الكذب.
وهو يومئذٍ مشرك!
والنابغة الذبياني وفد على النعمان بن المنذر -وهو أحد الملوك في الجاهلية- وكان النابغة رجلاً شاعراً افتري عليه عند النعمان بن المنذر فأمر بقتله؛ فوفد وقال له:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن كنت قد بلغت عني وشاية لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ويقول كعب بن زهير للرسول عليه الصلاة والسلام:
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم أذنب ولو كثرت فيَّ الأقاويل
وذلك في قصيدته الرائعة الجميلة التي يقول في مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول
إلى أن قال:
إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول
إلى أن يقول فيه وهو يمدحه عليه الصلاة والسلام:
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم أذنب ولو كثرت فيَّ الأقاويل
ثم انتهى منها فأعطاه عليه الصلاة والسلام بردته، وعفا عنه وسامحه.
يقول عليه الصلاة والسلام عن سمرة عند مسلم: {من حدث عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين} أي: أحد الكاذبين على الله؛ لأن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ككذب على أحد، ولأن كلامه وأفعاله صلى الله عليه وسلم تشريع، وهو مسئول من الله، ومبعوث لإحياء جيل، ولإقامة شريعة، فمن كذب عليه فقد سنن للناس الكذب.