للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دفاع الرسول عن خالد بن الوليد]

قال صلى الله عليه وسلم: {وأما خالد فإنكم تظلمون خالداًً} يقول: يا عمر! أنتم تظلمون خالداً، دائماً خالد سيف الله مظلوم: {إنه قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله} عنده مائة سيف، ومائة رمح، ومائة فرس، قال: هي رهن محبوسة في سبيل الله، وهل في الوقف صدقة؟ وهل فيه زكاة؟ لا، لماذا يا عمر! تطلب من خالد أن يزكي وهي وقف؟

يقولون معن لا زكاة لماله وكيف يزكي المال من هو باذله

ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتقِ الله سائله

خالد إذا حضر المعركة، دعا مائة فارس وأعطاهم مائة سيف، ومائة رمح، ومائة فرس، فهي لله، ولذلك لا يرثها أبناء خالد.

خالد مات ولم يملك إلا ثوبه، خاض مائة معركة، ومات وما في جسمه موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، فماذا فعلنا أنا وأنت للإسلام مع خالد؟ خالد قدم دموعه ودمه ووقته.

تسعون معركة مرت محجلة من بعد عشر بنان الفتح يحصيها

وخالد في سبيل الله مشعلها وخالد في سبيل الله مذكيها

وما أتى بلدة إلا سمعت بها الله أكبر تدوي في نواحيها

ما نازل الفرس إلا خاب نازلهم ولا رمى الروم إلا طاش راميها

خالد يوم اعتزل الجيش وهو كبير السن، أخذ مصحفاً يقرأ من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر، ويبكي، ويقول: [[شغلني الجهاد عن القرآن]] ونحن نقول: يا أبا سليمان! إن كنت أنت شغلك الجهاد فنحن عندنا شباب شغلهم البلوت عن القرآن، والمجلة الخليعة والأغنية الماجنة عن القرآن، يا أبا سليمان! لقد شغلك الجهاد عن القرآن، إن جهادك أعظم من قراءة القرآن؛ لأنك رفعت لا إله إلا الله بجهادك.

أتته سكرات الموت فقال: [[لقد خضت مائة معركة وهأنا أموت على الفراش كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء]] يقول: اليوم يفرح الجبناء أني مت.

يقول ابن كثير: قاتل خالد يوم مؤتة فكسَّر تسعة أسياف في يده وما ثبتت إلا صفيحة يمانية، تكسرت السيوف، يأخذ السيف فيضرب به، فيتكسر، وتشع شظاياه على رءوس الناس، وكان جسيماً بديناً كالحصن.

ولما تولى أبو بكر الخلافة أراد عمر أن يصدر أول مرسوماً بعزل خالد، فقام أبو بكر غاضباً على المنبر، وقال: [[والله لا أغمد سيفاً سله الله على المشركين، لقد سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {خالد سيف الله المسلول، سله الله على المشركين}.

]] فلما تولى عمر كان أول ما أصدر: عزل خالد، فقال خالد: [[والله ما قاتلت بالأمس لـ p=١٠٠٠٠١٨> أبي بكر، وما قاتلت اليوم لـ عمر وإنما قاتلت لله، وأنا أقاتل لله قائداً أو مقوداً، فأيما شئتم فسيروني]] {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود:٤١] سلام عليك وعلى أمثالك.

عذره الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: {إنكم تظلمون خالداً} ولذلك ظلم في التاريخ، ظلمه العقاد يوم جعله مع نابليون.

يا عقاد! يا أستاذ محمود! أتجعله في صف نابليون؟! نابليون مجرم فرنسي سحق العالم، نابليون قتل الأطفال، نابليون قتل النساء، وخالد أتى لرفع لا إله إلا الله محمد رسول الله.

ونقول لـ عباس محمود العقاد وأمثاله: ظلمتم خالداً؛ لأن الرسول قال: {إنكم تظلمون خالداً}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>