للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السبب الثاني: الغلو]

ولا يوجد الغلو في أمة إلا وزحفت إلى الابتداع مباشرة، والغلو ليس مطلوباً في الإسلام، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [المائدة:٧٧] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {هلك المتنطعون، هلك المتنطعون} -وفي رواية- {المتفيهقون والمتشدقون} هؤلاء الذين يحكحكون في الدين، أو يتعمقون عمقاً ليس من السنة، وسوف أبين ذلك؛ لأن هذه الكلمة استخدمت على مستويين اثنين:

أناس فجرة -والعياذ بالله- دخلوا على أهل الخير والصلاح من هذا الباب، يهاجمونهم بالتعمق والتطرف، وأنهم يأخذون الدين بقشوره وأوراقه وجذوره، وقد يكون سبباً صحيحاً؛ لأن هناك أناس وجدوا في الساحة تعمقوا وتنطعوا في دين الله، ودين الله وسط بين الغالي والجافي، من يصعد برأسه حتى يصل إلى السطح ثم يريد أن يخرج من البيت، ومن يريد أن يهبط ثم رسخ في الأرض ويرسخ في التراب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:١٤٣] وسوف أبين ما هو الغلو في المعتقد:

الغلو في المعتقد هو كما فعلت بعض الطوائف كبعض أهل الرفض الذين غلو في علي رضي الله عنه حتى ادعوا له الألوهية.

وغلت الخوارج في العبادات حتى غلبتها على الفهم والفقه في الدين، وأخرجت المسلمين عن الإسلام، وكفرت الناس بالمعاصي.

وغلت المرجئة في باب الإيمان حتى قالت: من آمن بقلبه كفاه ذلك عن العمل.

وغلت القدرية وقالت: لا قدر، ولم يكتب الله عز وجل قدراً إلى غير ذلك من الطوائف.

<<  <  ج:
ص:  >  >>