يقول:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}[البقرة:٨] أي: أن أناساً شهدوا فأورد الله شهادتهم في القرآن، ثم كذبهم وكذب شهادتهم، وهؤلاء هم المنافقون، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون:١] أورد شهادتهم وأورد الشهود ثم كذبهم وكذب الشهادة، وهناك أناس قبل الله شهادتهم ثم أدخلهم والشهود في النار فمن هم؟ الجلود {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا}[فصلت:٢١] قبل الله شهادتهم فأدخلهم وشهودهم النار، وهناك شاهد استشهده الله وهو صغير فقبلت شهادته، وهو الغلام الذي في بيت يوسف لما قال:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}[يوسف:٢٦] وأناس عامة شهدوا، فقبلت شهادتهم قبل أن يزكوا {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[يوسف:٨٢] إلى غيرها من الآيات، وهذه أقسام الشهادة في القرآن، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف:٨٦].
فالمنافقون، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}[البقرة:٨] لماذا لم يقولوا: آمنا بالرسول؟ لأن السورة تتكلم عن الله واليوم الآخر، والإيمان به صلى الله عليه وسلم يدخل في الإيمان باليوم الآخر.
يأتي عبد الله بن أبي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول للصحابة: اسمعوا للنبي، وهو كاذب، ويأتي أحدهم فيقول: إني أحبك، فيكشفه الله عز وجل.
الجد بن قيس يأتون له فيقولون: تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يبايعك وقد ضاع جمله، فقال: والله لأن ألقى جملي أحب إلي من بيعتي لمحمد، وهو منافق، وقالوا له: تعال يستغفر لك ما دام صدرت منك الكلمة هذه، فأعرض برأسه خاف أن يقول: لا.
بالحروف، لكن نقلت الصورة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون:٥] ماذا قالوا؟ {لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ}[المنافقون:٥] خاف أن يقول: لا.
لن آتي، فيأتي الوحي من جبريل فيخبر الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: الجد بن قيس يقول: لا.
لن يأتي، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}[المنافقون:٥].