[الطغاة من حكام المسلمين يشوهون الإسلام]
واكتشفنا كذلك: أن الغرب يفهمون عنا أن الإسلام هو إسلام أتاتورك وإسلام ابن بلا، وإسلام الخميني وصدام حسين، ولذلك الأمريكان والبريطانيون والفرنسيون أظنهم يحجمون عن دخول الإسلام بسبب هؤلاء الرموز، فهم يظنون الإسلام هؤلاء الأربعة وهم ما علموا أن الإسلام هو أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأحمد، وأبو حنيفة، ومالك، ونور الدين، وصلاح الدين، وعمر بن عبد العزيز:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ
ملكنا بأقطاب السماء عليكمُ لنا قمراه والنجوم الطوالعُ
أما هؤلاء فبراء من الإسلام، وهؤلاء شوهوا سمعته ووجهه وسيرته ولموعه، فالإسلام منهم بريء، وهم منه برآء، ويجب علينا أن نبرئ الإسلام من هؤلاء، وأن نخبرهم بإسلامنا ونقدمه واقعاً عملياً، لأننا نتكلم بالإسلام على المنابر، ولكن الإسلام في دنيا الواقع قليل من يطبقه ويعلنه، وقليل أن يخبر به الناس فيسمعون مبادئ ربانية وكتاباً خالداً، وسنةً مطهرة، وينظرون إلى أحوالنا فإذا نحن في وادٍ والإسلام في واد، فينكصون ويتركون الدين، ويعودون على أدبارهم مرتدين.
ثم أختم هذه المحاضرة بحمد الواحد الأحد، فأحمده على مسائل لا تعد ولا تحصى، منها: أنه كسرَ ظهر البعث، ولله الحمد، واللهِ لقد سرنا أن يمرغ وجهه بالتراب!
ما ربع ميَّة معموراً يطيف به غيلان أبهى ربى من ربعها الخرب
لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخرابُ لها أعدى من الجربِ
رمى بكَ الله جنبيها فحطمها ولو رمى بكَ غير الله لم يصبِ
فلله الحمد، ففي الأمس انكسرَ ظهر الشيوعية في أفغانستان، واليوم ينكسر البعث في الكويت، فما أحسنه من خبر! وقد سرنا كثيراً، وبيض وجوهنا، وهذه نقولها بشماتة ونحن نشمت مثلما فعل بعض الصالحين، زاروا أحمد بن أبي دؤاد وهذا أحمد أهل البدعة، الذي كان سبباً في جلد الإمام أحمد بن حنبل، فدعا عليه الإمام أحمد فقال: اللهم عذبه في جسمه، فشلَّ نصفه وبقي نصفه حياً، فكان يتعذب ولا ينام الليل، قالوا: كيف تراك يا أحمد بن أبي دؤاد؟ قال: أما النصف هذا فلو وقع عليه ذبابٌ فكأنما القيامة قامت، وأما نصفي هذا فلو قرض بالمقاريض ما أحسست به، فزاره بعض الصالحين من وجهاء السنة، وقالوا: يا أحمد بن أبي دؤاد! والله ما زرناك مسلمين ولا عائدين ولا داعين، ولكن شامتين.
فنحن نقول: الحمد لله الذي لطخ وجه البعث بالتراب، ونسأل الله أن يكسر ظهور البقية وأن يبقي هذا الدين، وإنني أتصور -بإذن الله- أن هذا هو فجر الإسلام، وهذا هو المستقبل لهذا الدين، أن ينفر عبابه البحار والمحيطات، ليعيد لنا أمجاد عقبة بن نافع، وصلاح الدين، وطارق:
رفيق صلاح الدين هل لك عودةٌ فإن جيوش الروم تنهى وتأمرُ
رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم وجيشك في حطين صلوا وكبروا
تغني بك الدنيا كأنك طارق على بركات الله يرسو ويُبْحِرُ
تناديك من شوقٍ مآذن مكة وتبكيك بدر يا حبيب وخيبر
ويبكيك صفصاف الشام ووردها ويبكيك نخل الغوطتين وتدمر
فهذا مجدنا: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [مريم:٤٠] وإن شاء الله أنه مستقبلٌ خالد، وانتصارٌ ساحق، وغداً ينكسر ظهر اليهودية العالمية، والصليبية العالمية، وتبقى لا إله إلا الله في الأرض؛ لأن مصير الأرض للا إله إلا الله، والذي خلق الأرض هو الذي أنزل لا إله إلا الله، فاعلم أنه لا إله إلا الله، نسألك نصراً أكيداً، ومجداً مجيداً، وتوحيداً خالصاً، وعبادةً حقة.
اللهم اجمع شملنا، ووحد كلمتنا، وارفع رايتنا، ولمَّ شعثنا، وأخسئ عدونا، وكبد شيطاننا، وثقل ميزاننا، وفك ارتهاننا، يا أرحم الراحمين! سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.