نعم! لقد نجح الرسول عليه الصلاة والسلام في دعوته نجاحاً ما شهد التاريخ مثله، العدو يأتيه فينقلب صديقاً بدعوته، أتاه رجل، فقال: يا رسول الله! أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وإني أتوب إلى الله من كل معصية إلا الزنا، فقام الصحابة يريدون أن يؤدبوا هذا الرجل؛ لأنه تكلم بالفاحشة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام:{اتركوه فتركوه، قال: تعال! فأجلسه بجانبه ووضع يده الشريفة على كتف الرجل، وقال: أترضى الزنا لأمك؟ قال: لا.
قال: أترضاه لأختك؟ قال: لا والله.
قال: أترضاه لابنتك؟ قال: لا والله.
قال: أترضاه لزوجتك؟ قال: لا والله.
قال: فهل يرضونه المسلمون لأخواتهم وأمهاتهم وبناتهم وزوجاتهم -أو كما قال عليه الصلاة والسلام- قال: أتوب -يا رسول الله- من الزنا، فوضع يده عليه الصلاة والسلام على قلب الرجل، وقال: اللهم طهر سمعه وبصره، وحصِّن فرجه} دعوة وأصبح الرجل في ميدان الإسلام، وأصبح من الدعاة؛ لأن اللبيب عرف كيف يقود هذا إلى الهداية؟
ينقصنا الحكمة، والرحمة والشفقة والأسلوب، إننا ركزنا اهتماماتنا في المساجد، وتركنا هذه الأماكن، أهل المساجد جاهزون، أتوا يصلون، مستقيمون، عابدون، صادقون، راكعون، ساجدون، لكن إخواننا وأقاربنا، وأبناؤنا، وأعراضنا، وأخواتنا، وقريباتنا في أماكن اللهو من يهديهم إلى صراط الله المستقيم؟ يقول صلى الله عليه وسلم:{لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم} وقال صلى الله عليه وسلم: {نضَّر الله امرأً سمع مني مقالة فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغٍ أوعى من سامع} وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {بلغوا عني ولو آية} وقد ذم الله من كتم العلم، وجحد معروف الله له في الدعوة، فقال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة:١٥٩ - ١٦٠].