[وسائل مقاومة خطط الأعداء]
أيها الإخوة الفضلاء! هذه مخططات الأعداء، فكيف نقاوم هذه المخططات؟ وقد سمعتم أن عنوان المحاضرة: عشر خطط لتدمير الإسلام، فقد أخبرتكم بالهدم، فما هي طريقة البناء؟
بعد معرفتنا بسلاح الأعداء فما هو السلاح الذي نواجه به هؤلاء؟ هل تنجو عند الله غداً يوم القيامة وأنت لا تحمل رسالة هذا الدين؟ هل تستطيع أن تضمن لنفسك السلامة وأنت لم تقم مدافعاً عن دين محمد صلى الله عليه وسلم؟ ماذا تقول لله غداً وأنت لم تنصر دينه ولم تغضب لشرعه، ولم يتمعر وجهك يوماً واحداً من أجل ما ترى وما تسمع.
إذن الوسائل لدحر هذه الخطط ولردها ولتفكيكها هي:
أولاً: اعتصامنا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣] فيجب أن تكون دراستنا وتعليمنا وفكرنا ورأينا من الكتاب والسنة، وذلك بتكثير مدارس تحفيظ القرآن والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن، وأن تقوم أنت في بيتك بتحفيظ أبنائك كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا أقترح أن تحفظ أبناءك كل يوم آيةً وحديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: أن نتحد جميعاً نحن المسلمين، وإذا لم نستطع أن نتحد دولاً فلنتحد شعوباً، فكلما رأينا مسلماً من أي بلد إسلامي احتضناه، وأحببناه، وآخيناه، وواليناه، ودارسنا مشكلاته التي تمر به في بلاده، وعشنا قضية الإسلام في كل بلد مسلم كأنها قضيتنا في أنفسنا، المسلمون همهم واحد يسعى بذمتهم أدناهم، المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
فأينما ذكر اسم الله في بلد عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
أحد العلماء الكبار إذا ذكر له قتل في بورما أو في البوسنة والهرسك أو في الفلبين سالت دموعه على لحيته، فهم إخوانك وأطفالك وأبناؤك، فلذلك عليك أن تتابع أخبار هؤلاء بالإذاعة وبما يكتب, واسأل القادمين ما أخبار المسلمين في كل مكان، وأحذركم وأحذر نفسي من التحزب الجاهلي الأعمى والإقليمية والتمييز العنصري؛ فلا تنظر لمسلم من أي بلد كان إلا كأنه أخوك من أمك وأبيك؛ بل أعظم من ذلك قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٣].
ثالثاً: أن نخبر المسلمين أو أن نخبر الناشئة بتاريخنا الأول الذي عشنا عليه نخبرهم تاريخ الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وننشره في المحاضرات واللقاءات والمجالس ونعمر به أوقاتنا فليس لنا تاريخ إلا هو.
تاريخنا من رسول الله مبدؤه وما عداه فلا ذكر ولا شان
رابعاًَ: أن نكون دعاة إلى منهج الله عز جل بما نحمل من سلاح الدعوة، قال صلى الله عليه وسلم: {بلغوا عني ولو آية} {نضر الله امرأً سمع منا مقالة فأداها كما سمعها؛ فرب مبلغ أوعى من سامع} وإذا لم تستطع أنت أن تتكلم فانشر الكتاب الإسلامي والشريط الإسلامي، وكن داعية إلى منهج الله عز وجل.
خامساً: ألا نصدق ما يبث في وسائل الإعلام الغربية والشرقية من هجوم كاسح على الإسلام، فإني رأيت بعض العوام شُوِّشَتْ أذهانهم لكثرة ما سمعوا في الإذاعات الغربية والشرقية من اتهام الدعاة إلى الله عز وجل بالتطرف والأصولية، حتى يقول بعضهم: ما أتى بهذا الشر إلا الأصوليون، سبحان الخالق! ويعنون بالأصوليين: الدعاة إلى الله عز وجل, الدعاة إلى منهج محمد صلى الله عليه وسلم, وتجد أولئك يهاجمون هؤلاء، فيسمع لهم من الناشئة ومن الجهلة الجمع الكثير.
سادساً: علينا -أيها الإخوة الكرام- أن نسعى جهدنا في جمع الناس تحت مسيرة اتباعه صلى الله عليه وسلم، أن يكون رسولنا ومعلمنا القائد رسولنا صلى الله عليه وسلم فقط، وأن نربط الناس بشخصه وبرسالته، فلا نربطهم بشخص آخر ولا بكيان آخر، بل نجعل له صلى الله عليه وسلم الاتباع ونجرد المتابعة له صلى الله عليه وسلم, ونعلم أنه ناصح وصادق، وأنه أنجانا من الظلمات إلى النور.
سابعاً: أن نقطع طريق الشهوات؛ بمنع المجلة الخليعة والفيديو المهدم والمسلسل المخرب، حتى إذا قطعنا سلسلة الشهوة استطعنا أن ننجو بإذن الله.
ثامناً: من الحلول التي قد لا نستطيع نحن لها أفراداً لكن يستطيع لها غيرنا: أن تكون البلاد الإسلامية منتجة للسلاح، مثلما تنتج البيبسي والصابون, أن تنتج القنبلة والطائرة والصاروخ والدبابة والقاذفة، لماذا يجوز للغرب أن ينتج ولا يجوز لنا؟!
ثم علينا أن نكذب تلك الأطروحات الكاذبة الظالمة الآثمة التي تجعل الحصار على الشعب العراقي المسكين حلالاً, والحصار على إسرائيل حراماً, والتي تحرم أن تصنع باكستان القنبلة النووية وتجوز لدولة اليهود والصهيونية أن تصنع القنبلة النووية، فيا له من ظلم! ويا له من دمار! ويا له من عار! ويا له من شنار! ثم نسعى لوحدة المسلمين, وأن نخبر الناس أن الحدود الإقليمية هذه ما أنزل الله بها من سلطان, وإنما أتى بها المستعمر, وأنها لم تكن في العالم الإسلامي, وكانت الخلافة الراشدة كلها ممتدة -والحمد لله- تسافر أنت إلى الهند وإلى طنجة وإلى ليبيا وإلى أي مكان, آمناً مطمئناً في بلاد المسلمين وهم أحبابك وأقرباؤك وإخوانك.
بلادي كل أرض ضج فيها نداء الحق صداحاً مغنى
ودوى ثَم بالسبع المثاني شباب كان للإسلام حصنا
أيها الإخوة: هذه بعض المقتضيات التي لا تغيب عنكم, لكن أحببت أن أعيدها على حضراتكم؛ علَّها أن تفهم وترسخ وتكون أمام العبد معرفةً واعتقاداً وتصوراً، وإني أوصيكم -أيها الإخوة- أن تعودوا إلى الكتبة المسلمين العارفين بالواقع، مثل كتابات سيد قطب رحمه الله، وكتابات أخيه محمد قطب أثابه الله، والأستاذ أبي الأعلى المودودي، والأستاذ أبي الحسن الندوي، وغيرهم من الكتبة الأماجد؛ لتتصوروا التصور الإسلامي الراشد مع ما يكتبه علماؤنا كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أثابه الله، وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، والشيخ ابن جبرين والشيخ الفوزان وغيرهم من العلماء.
أسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية والرشد والسداد, ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالى ثباتاً وهداية ورشداً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.