الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فمعنا في هذه الليلة حديث عظيم، من الأحاديث التي دبَّج بها الإمام البخاري رحمه الله تعالى صحيحه يقول: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة}.
هذا الحديث أول قضية فيه؛ هي قضية (إن الدين يسر) والرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا لسعادة الإنسان وليحمل هذا اليسر، يقول تبارك وتعالى:{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[الأعراف:١٥٧] والدين الإسلامي يسير على من يسَّره الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى عليه، ليس على كل الناس ميسر، بل هو من أصعب الأمور على المنافقين، نسأل الله العافية والسلامة، قال تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر:٢٢] ويقول تبارك وتعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[الأنعام:١٢٥].
أي: كأنما يعرج بنفسه في السماء فيختنق من قلة التنفس، فوصفه سُبحَانَهُ وَتَعَالى بالصاعد في السماء، كلما ارتفع كلما ضاق نفسه.
يقول أبو هريرة قال صلى الله عليه وسلم:{إن الدين يسر} ودائماً يمر معنا أبو هريرة رضي الله عنه، وكم من مرة مر معنا وأراد الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن يرفع اسمه، وأن يضوع اسمه في المنتديات، وفي مجالس المسلمين، فهذا الرجل عناية الله عز وجل أتت به من بلاده، وهو في قرية بعيدة من قرى جبال السراة، ويأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل في هذا الدين، وأكسبه الله تعالى من هذا النور، ومن هذا العلم، فرفع الله اسمه، وأبى كثير من أهل الحرم الذين كانوا يطوفون بالبيت، وكانوا بجانب الحطيم وزمزم أن يسلموا، فأخفض الله ذكرهم، وأدخلهم ناراً تلظى؛ لأنهم ما استضاءوا بهذا الدين.
يقول صلى الله عليه وسلم:{إن الدين يسر} لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى}[الأعلى:٨].