للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السنن الرواتب]

{يقول ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه: حفظت من رسول الله عليه وسلم عشر ركعات} الصحابة حياتهم خصصوها للحفظ من الرسول والتلقي منه عليه الصلاة والسلام، بل كان الواحد منهم لا يعيش مع الرسول عليه الصلاة والسلام إلا ساعة واحدة قبل الوفاة، أو رآه في غزوة، أو رآه في سفر أو مر به الرسول عليه الصلاة والسلام في قريته أو في باديته، ففي هذه الساعة حاول أن يحفظ شيئاً ولو حركة ليبلغها إلى الأمة، والذي نقل عنه من الحديث صلى الله عليه وسلم مائة وأربعة وعشرين ألف حديث، نقل إلينا كل واحد منهم جزءاً، حتى إن الواحد منهم، رأى الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: {رأيته وفي يده خاتم أبيض} فنقل إلينا بالسند، حدثنا فلان عن فلان عن فلان إلى الصحابي أنه رأى في يده صلى الله عليه وسلم خاتماً.

ويأتي أحدهم ويقول:

{رأيت رسول لله صلى الله عليه وسلم وفي لحيته شعرات بيض} وهو شاب كانت في لحيته شعرات بيض، وقال أحدهم: {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وضع يده على عمامته هكذا} هكذا نقلت إلينا، ولذلك يقول جولد زيهر المجري المستشرق: يكفي المسلمين معجزة هذا الحديث، أن يقدموه للبشرية لتدخل في الإسلام، يكفي الحديث النبوي هذا أن يقدم معجزة للناس ليدخلوا في دين الله زرافات ووحداناً، لأننا نقول الآن لليهود: ائتوا لنا بحديث واحد أو بقصة أو بكلمة أو بموقف لموسى عليه السلام بالسند، أعطونا عن فلان عن فلان، وعن فلان، أعطونا عن إسحاق رابين وعن ريجن وعن فلان، حتى تصلوا إلى موسى عليه السلام، فلا يأتون ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.

بل علومهم ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.

ونقول للمسيحيين: أعطونا عن عيسى عليه السلام فلا يأتون عنه بشيء، أما نحن فإن الإنسان إذا تحدث منا يوم الجمعة وأتى بحديث فللمصلين أن يحبسوه عند درجات المنبر ويقولون من أين هذا الحديث؟ ومن أين نقلته؟ وفي أي كتاب؟ ومن رواه ومن خرجه وما درجته؟ وهذا حق شرعي لكل واحد منا أن يوقف الإمام أو العالم مهما بلغ علمه.

لأننا أمة حفظ الله وحيها من السماء قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] وحديث ابن عمر: {حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات} في الصحيحين، وحديث الصحيحين يقول عنه ابن تيمية: إذا اتفق الشيخان على حديث، فيفيد جزماً أنه صحيح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا غالب الظن، وربما أفاد القطع {حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر وفي لفظ للشيخين: في بيته -وزاد مسلم - وركعتان بعد الجمعة في بيته عليه الصلاة والسلام} هذه عشر ركعات كان يحافظ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>