[لوازم سورة الإخلاص]
هل نقرؤها ونحفظها فقط؟ لماذا لا نعلمها الناسَ ولا نرسلها في القرى والبوادي، ولا نجلس بها في بيوتنا؟ لماذا لا نحررهم من عبودية غير الله عز وجل إلى عبودية الله؟ ولا نعلمهم التوحيد؟
وأقول لكم: ليس عندنا عبودية أصنام، ولا أوثان، لكن عندنا عبودية الخوف من غير الله أعظم من خوفنا من الله.
ووالله إن من المصلين الصائمين من يخاف من غير الله أخوف من خوفه من الله أضعافاً مضاعفة، كيف يقول: سمع الله لمن حمده؟! كيف يقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١]؟ كيف يلقى الله يوم العرض الأكبر؟! يقول أعز من قائل: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} [آل عمران:١٧٥] لا تخافوهم وخافونِ؛ لابد أن نواصي الناس بهذا الأمر، لا يتقدم أحدٌ خطوة، ولا يكتب حرفاً، ولا ينفذ أمراً إلا بيد الواحد الأحد قال تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف:٢١].
هذه قضية كبرى من قضايا هذه السورة، أردتها لأمور، منها:
أولاً: أننا نريد أن نرتبط بالقرآن، وسوف نحرص -بإذن الله- على أن تكون الدروس والمحاضرات مرتبطة بالقرآن وبواقع الناس.
ثانياً: أن هذا الوقت وقت اصطياف، وقد وفد إلينا كثير من أهل الخير وأهل الفضل والدعوة، ونريد أن نتذاكر نحن وإياهم واجبنا نحو الدعوة، ونحو البذل والعطاء لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ونحو التضحية بالقول الجميل وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونفي الشرك من القلوب، وإزالته من البيوت.
ثالثاً: أن الأمة طالما عاشت خواء عقدياً، لا يعلمه إلا الله، فهي تتعلق بغير الله، قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:٤١] فنعوذ بالله من التعلق بغيره.
ونسأل الله ألا يجعل لنا حاجة إلى غيره، وأن يعلق قلوبنا به، وأن يقطع ما بيننا وبين الناس إلا بسبب يقربنا منه سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
اللهم إن الناس تعلقوا بأسباب وبأنساب وحبال، اللهم لا أسباب عندنا ولا أنساب ولا حبال إلا ما أمدنا بك.
اللهم فاجعل نسبنا وسببنا وحبالنا متعلقة بك.
اللهم إن الناس استعز بعضهم ببعض، ولا عزة لنا ولا قوة ولا عشيرة ولا كياناً يحمينا إلا أنت.
اللهم فدافع عنا، فإنك قلتَ: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:٣٨].
اللهم واحفظنا، فإنك قلتَ: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:٦٤].
اللهم من أراد بنا وبالمسلمين وبالعلماء والدعاة وأهل الخير مكراً فأشغله بنفسه، وخذه أخذ عزيز مقتدر، واقتله بسيفه، ودمره تدميراًَ، واجعله يا رب العالمين أُلْعُوبة، وأُعْجُوبة، وعظة وعبرة لمن سواه.