للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الكف عن المعاصي وآثاره]

يقول الشافعي وقد شكا لشيخه النسيان وترك الحفظ فقال له محذراً من المعاصي:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي

أحد الناس نظر نظرة لا تجوز له، فقال له أحد العلماء: تنظر إلى الحرام! والله لتجدن غبها ولو بعد حين، قال: فنسيت القرآن بعد أربعين سنة.

وآثار الذنوب كثيرة:

منها: قسوة القلب، وقسوة القلب ضرب به بنو إسرائيل ضربة قاصمة؛ لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم.

ومن آثارها: اللعنة، لأن العبد إذا استمر بالذنوب وطبع على قلبه لعن والعياذ بالله.

ومن آثارها: قلة البركة في الرزق.

ومنها: الضنك في المعيشة، فقد رأيناهم ورأيتموهم يسكنون في القصور الشاهقة، بالسيارات الفارهة، والملابس والمشارب والمطاعم لكنهم ما وجدوا الأمن والسكينة، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦].

إبراهيم بن أدهم -أحد الصالحين- يعيش على الرصيف، لا يجد إلا كسرة خبز، ولكنه بذكره وتلاوته وعبادته يعيش في رغد من العيش وفي جنة، قال له الناس: [[أأنت سعيد؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنا في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف]].

وشيخ الإسلام ابن تيمية ما كان يملك من الدنيا إلا ثوباً وعمامة، لكنه يقول وقد سجنه أهل البدع والمعاصي لما أنكر عليهم، قال: ماذا يفعل بي أعدائي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنى سرت فهي معي أنا قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة.

وردوا عليه باب السجن فقال: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:١٣].

يقول له أحد الفجرة من السلاجقة: يا ابن تيمية، يزعم الناس أنك تريد أن تأخذ ملكنا.

قال: ملكك؟! قال: نعم.

قال: والله ما ملكك يساوي عندي فلساً واحداً لأنه يريد السعادة، والسعادة لا تحصل إلا بذكر الله، ومن يقرأ مثلاً كتاب دع القلق وابدأ الحياة لـ دايل كرنجي والإنسان لا يقوم وحده لـ كريس مرسون؛ يرى أنهم ما وجدوا السعادة، يقولون: بحثنا عن السعادة فأخفقنا وهذا الذي ألف الكتاب أخذ السكين ونحر نفسه فمات؛ لأنه ما وجد السعادة.

فما هي السعادة؟!

السعادة هي أن تتوضأ كل يوم خمس مرات وتصلي كل يوم خمس مرات، وأن تتزود بالنوافل السعادة أن تطالع القرآن المجيد وتتدبر آياته وأن تكون ذاكر بقلبك للواحد الأحد وأن تجدد التوبة لله دائماً وأبداً السعادة أن تربي بيتك على القرآن وعلى الشريط الإسلامي، على الكتاب الإسلامي، على الصلوات الخمس، وأن تخرج المنكرات والفواحش والمعاصي من بيتك؛ وأن تكون رجلاً حازماً، مربياً معلماً، موجهاً في مجتمعك وأمتك، وتقودهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض، قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].

بعض الناس كبر في السن وقد جاوز الأربعين، حُدثنا عنه أنه لما أتت المباراة كان ينظر إلى الشاشة، فلما أتت الصلاة أراد ألا تفوته المباراة؛ فأخذ غترته وبسطها في الأرض، ثم نقر أربع ركعات وسلم ونظر أهذه صلاة؟! أهذه رسالة؟! أهذا قلب أؤتي نوراً؟!

{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠].

<<  <  ج:
ص:  >  >>