عن عائشة الصديقة بنت الصديق، المطهرة المبرأة من فوق سبع سماوات، زوج نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة وأم المؤمنين، أم عبد الله، ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم بكراً سواها، ولذلك فقد كانت تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، تستفتيه في مسألة وتداعبه، تقول:{يا رسول الله! أرأيت لو نزلت في عجوة -أي في مكان وفي واد لم يرع- ونزلت بغنمك ونزلت في واد قد رعي، أيهم أحسن؟ فيتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: الوادي الذي لا يرعى}.
ويقول صلى الله عليه وسلم:{إنني أعرف رضاك من غضبك} وهذا من تعامله صلى الله عليه وسلم مع أهله، ومع المرأة، لا كما يفهمها أعداء الإسلام، وهذا هو القدوة لكل إنسان أن يتعامل الإنسان مع أهله كما يتعامل صلى الله عليه وسلم مع أهله، يقول:{إني أعرف رضاك من غضبك! قالت: بماذا يا رسول الله؟ قال: إذا رضيت قلت لا ورب محمد -تقسم بالله ثم تذكر اسمه- وإذا غضبت قلت: لا ورب إبراهيم، فتقول هي رضي الله عنها: والله ما أهجر إلا الاسم} يعني فقط الاسم، أما المسمى فلا تهجره.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها وعندها امرأة فقال: من هذه؟ -هذه المرأة اسمها الحولاء بنت تويت القرشية وكانت كثيرة العبادة؛ والصيام، وكثيرة الصلاة، دخل صلى الله عليه وسلم وهي جالسة عند عائشة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل لأنه يريد أن يتصل بالناس جميعاً، يتصل بالعجوز وبالمرأة وبالجارية وبالطفل، لأنه مكلف أن يبلغ الرسالة إلى جميع الناس، حتى تقول عائشة:{ما غرت من امرأة من جاراتي ومن ضرائري ما غرت من خديجة وقد ماتت قبل أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم} لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن صديقات خديجة، فيرسل لهن الهدايا، حتى كان يقطع اللحم من الشاة فيقول: اجعلوا هذه لصديقة خديجة فلانة، وهذه لعمة خديجة، ويقول:{حسن العهد من الإيمان}.
حتى دخلت عجوز على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطع حديثه مع الناس، وقال:{كيف أنتم يا فلانة، هل أتاكم من أمطار، كيف أنتم بعدنا} لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سكن معهم في البادية ردحاً من الزمان، وتأثر الناس بهذه المواقف منه صلى الله عليه وسلم.