للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من كرامات الأولياء]

وفي الحديث: إثبات كرامات الأولياء، فهم دعوا بصالح أعمالهم، وتوسلوا إلى الله بذلك، ففرج الله عنهم الصخرة، وفي صحيح البخاري في كتاب الوكالة أن رجلاً صالحاً من بني إسرائيل ذهب إلى رجل غني وراء البحر من بني إسرائيل أيضاً، وقال: أريد منك ألف دينار، قال: هل لك وكيل؟ أي: ضامن يضمنك؛ لأني ما أعرفك، قال: وكيلي الله عز وجل، قال: كفى بالله وكيلاً انظر ما أحسن ذاك وما أحسن هذا! رضي هذا بالله فرضي ذاك به قال: هل من شاهد؟ أي: ما دام أنه ليس لك وكيل إذا ما سدَّدت فشاهد يشهد أنني دفعت لك هذا المال، قال: ما لي شاهد إلا الله، قال: كفى بالله شاهداً.

فركب المقترض البحر ومعه الدنانير وذهب إلى أهله، ولما حان أجل القضاء وقف هذا المدين على الشاطئ ينتظر سفينة تحمله إلى الشاطئ الآخر، فما وجد سفينة ولا قارباً أبداً، تحرى اليوم الثاني والثالث فما وجد، فأخذ خشبة فنقرها من وسطها ثم جعل فيها ألف دينار وكتب عليها اسم الرجل، ثم ضرب بها في البحر؛ لأن ذاك قد رضي بالله كفيلاًَ ورضي بالله شهيداً، فسوف يبلغ الله هذه الأمانة، فلما وضعها في البحر ساقها الله عز وجل بالريح وذاك الرجل يعرف موعد الأجل، فكان قد خرج من بيته ينتظر الرجل، فوقف على الشاطئ فانتظر، حتى يئس من مجيئه، فرأى هذه الخشبة فقال: آخذها حطباً لأهلي، فأخذها وحملها على كتفه، ولما وصل إلى بيته أخذ هذه الخشبة فإذا فيها الألف دينار، وفيها ورقة من ذاك المرسل إلى المرسل إليه، وهذه من كرامات الأولياء، ومن رضي بالله كفيلاً وشهيداً بلَّغه الله ما تمنى.

وكرامات الأولياء عندنا منها ما لا يحصى ولا يعد، وأكثر ما صح من كرامات الأولياء وما أُثِر منها عن صحابة محمد عليه الصلاة والسلام، وهم لا يريدون الكرامة لذاتها، ولكنهم يريدون الاستقامة، فآتاهم الله الدنيا والآخرة.

والكرامة أمر خارق للعادة يثبته أهل السنة والجماعة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>