مر محمد إقبال في سفينة تبحر به يريد أوروبا، فتوقف بحفظ الله ورعايته في قناة السويس، وبينما هو في قناة السويس كتب رسالة من القناة إلى فاروق مصر؛ لأنه كان حاكماً آنذاك في مصر , وبقي حاكماً حتى انقلب عليه الثوريون بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر، وقد كتب إليه محمد إقبال رسالة صارخة؛ لأن المصريين اشتكوا إلى محمد إقبال وقالوا: هذا ظالم، اسمه فاروق لكنه يختلف عن الفاروق عمر (بألـ) التعريفية.
هذا فاروق يشبع حماره من أموال المسلمين والأطفال يموتون الشارع، والفاروق المعرف (بألـ) جائع دائماً ليشبع أطفال المسلمين.
فاروق هذا أدخل الإنجليز إلى مصر، واستخذى لهم عند الأحذية , والفاروق ذاك صاحب (ألـ) اهتز منه كسرى وقيصر وهما في عروش الظلم حتى زلزلهم زلزله تامة {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:٤٥] قالوا: اكتب له رسالة، لأن فاروق يعرف من هو محمد إقبال، فكتب إليه:
(بسم الله الرحمن الرحيم: من إقبال إلى فاروق مصر، يا فاروق مصر! إنك لن تكون كـ الفاروق عمر حتى تحمل درة عمر، والسلام)
هذا من أقصر الكتب في التاريخ، يقولون: من أقصر الكتب في التاريخ كتاب خالد بن الوليد لما أصبح في اليرموك واشتعلت عليه المعركة واصطدم بالأعداء، نظر فإذا المسلمون ثلاثون ألفاً، والروم مائتان وثمانون ألفاً، فقال: الله المستعان! علي برسالة, والتجأ إلى الله وقال: حسبنا الله ونعم الوكيل، لكن لا بد من أخذ الأسباب, وأخرج القلم وأخذ رقعة وكتب إلى قائد القبائل العربية وشيخها عياض بن غنم:
(بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد إلى عياض , إياك أريد والسلام)
فذهبت الرسالة إلى عياض، فقال: ما يريدني أنا وحدي, إن الكتاب خطير، فجمع كتائب العرب وحشدهم وبعد ثلاثة أيام إذا هم بجيوش كالجبال، والمقصود هذه رسالته.