للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[اليهود هم أهل المكر والغدر والخديعة]

هي حادثة وقضية الساعة: خيانة اليهود ومكرهم وخداعهم ونقضهم المواثيق، فلا يوثق بهم قوم لعنهم الله وخذلهم كيف يوثق بهم؟ وهم العدو.

ولذا أحببنا سعداً لأمور كثيرة منها: أنه عدو اليهود اللدود، كان صديقاً قبل لا إله إلا الله، لكن لما أتت لا إله إلا الله انتهى الأمر، فأصبح الموت لهم، فهو الذي حكم بقتلهم، وهو الذي أبادهم بحكمه بالسيف؛ فليس لهم إلا العداء، لأنهم قتلة الأنبياء والرسل.

فهل توالي الذين يقولون: إن يد الله مغلولة؟! لعنهم الله.

وهنا يقول ابن تيمية: القرآن يأتي بالشبهة موجزة ثم يرد عليها رداً مبسطاً أو طويلاً مسهباً حتى لا يترك لها أثراً: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة:٦٤] فقط.

بخلاف ما يفعله بعض الدعاة والوعاظ حينما يأتي بالشبهة فيطولها كثيراً ثم يرد عليها يقول: وهذا لا ينبغي والله المستعان أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم؛ فيثبتها في القلوب ثم لا يزيلها؛ وهذا بخلاف أسلوب القرآن، حيث الشبهة فيه: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة:٦٤] انتهى الكلام عن الشبهة، واسمعوا الرد: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة:٦٤] الآية.

علم أن اليهود أهل عداوة أبدية؛ لأنهم كفروا بالله، ولأنهم قتلة الأنبياء والرسل ثم يعلم أنهم ينقضون المواثيق، فليس لنا رجاء في يوم من الأيام أنهم سوف يصدقون وسوف يتقيدون بأي ميثاق، بل هم خانوا الله، فماذا تريد أن يكونوا معي ومعك؟ أو أن يصدقوا معي ومعك؟ بل هي الخيانة المستمرة، وطبع الغدر هو الخلق المستمر في أعداء الله عز وجل.

فمن هذا المنطلق نشكر لـ سعد بن معاذ موقفه الصلب الصامد مع اليهود، وبمثل هذه المواقف انتصر الإسلام، ولكن لما لاين أبناء المسلمين اليهود وصانعوهم وداروهم، ودخلوا في فلك الصلح معهم؛ وقعت الكارثة بالمسلمين والذلة والهوان والغلبة، ولكنا لا نزال نطمع.

لا تهيئ كفني ما مت بعد لم يزل في أضلعي برقٌ ورعد

أنا تاريخي ألا تعرفه طارق ينبض في قلبي وسعد

فأملنا بالواحد الأحد.

قد ينشأ لنا شاب ناشئ كـ سعد بن معاذ -وليس على الله ببعيد- من المدارس التي تخرج حفظة القرآن، ومن الجامعات التي تحفظ البخاري ومسلماً ومن دور الرعاية المؤسسات الخيرية من الجمعيات الخيرية المباركة من المساجد الطاهرة العامرة، تخرج لنا جيلاً إسلامياً متوضئاً مصلياً مجاهداً، يدحر اليهود ويمزقهم، وينتصر عليهم بلا إله إلا الله محمد رسول لله.

فلا يأس ولا قنوط، وإنما يبقى عندنا أمل بأن الدين الذي حمله سعد نحن نحمله إن شاء الله مع اختلاف المراتب، والقرآن الذي قرأه سعد هو بين أيدينا غض طري كأنما نزل اليوم، الرسول الذي هدى سعداً بإذن الله صلى الله عليه وسلم هو رسولنا، والقبلة التي اتجه إليها سعد نتجه إليها فماذا ينقصنا؟

ينقصنا أن نزيل عنا الهوى والإعراض، والكسل والعجز، وأن نري الله من أنفسنا الصدق في إيماننا، نأخذ الكتاب بقوة، وانظر عبارة القرآن: {خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم:١٢] لا هزل انتبهوا استيقظوا تثبتوا ثبتكم الله تقووا قواكم الله بإيمانكم بمبادئكم بدينكم بكتابكم بسنة نبيكم عليه الصلاة والسلام.

فإذا علم الله منا ذلك؛ نصرنا وأيدنا وثبتنا، وإلا فإنه قد مرّ في العالم الإسلامي فترات كهذه الفترات التي نعيشها، كفترة التتار وفترة الصليبين حتى دخلوا بغداد وأخذوا الخلافة، وكسروا منابر المساجد، ومزقوا المصاحف، وهدموا المنابر، ومع ذلك أخرج الله من ينصر هذا الدين.

قد أكون أنا وأنت في تقصير، فلا نصلح للجهاد الآن، ولا لكسب النصر والتضحية، فيأتي الله من أبنائنا وأصلابنا بأبطال، وإني لأراهم في مدارس تحفيظ القرآن، وإني لأراهم في جماعة التحفيظ التي تملأ مساجدنا والحمد لله، وإني أراهم في من يحفظ السنة المطهرة في الحرمين، كأنهم يقولون: المستقبل لنا: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود:٨١] والنصر لنا والغد المشرق معنا، والله مولانا.

فلا يأس ولا إحباط، وأرجو أن يسحب كل إنسان مخذل أوراق الهزيمة النفسية التي يقدمها حين يقول: كيف ننتصر على الدول النووية العظمى والجيوش الجرارة؟ فنقول: لا.

الواحد الأحد معنا: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٢١] {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:١٤].

فهو الذي مزقهم كل ممزق، وهزمهم في بدر وأحد والأحزاب وعين جالوت والقادسية واليرموك وفي حطين.

فأعيدوا لنا من هذا الجيل، أخرجوا لنا من الإنتاج الجديد على شكل سعد بن معاذ، حفظوهم الكتاب والسنة لا الأغنية والمجلة الخليعة، ولا الفيلم الهابط ولا الضياع ودغدغة مشاعرهم بأن يكون مستقبلهم فلة وسيارة وزوجة، وأن يكون نجماً كروياً ولامعاً غنائياً، لا.

بل نريد سعد بن معاذ، هؤلاء عظماؤنا وأبطالنا، وهؤلاء مجدنا وشرفنا، وهؤلاء هم قادة مسيرة النصر التي يقودها محمد صلى الله عليه وسلم.

هذه سيرة هذا الإمام رضي الله عنه وأرضاه وجمعنا به في جنات النعيم.

وفي الختام: أتوجه بالدعاء إلى الواحد الأحد؛ فأسأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب؛ أن يوفقنا لما وفق إليه سعد بن معاذ، وأن يخرج منا جيلاً ربانياً صادقاً موحداً.

أسأله أن يجمع كلمتنا، وأن يصلح ولاة أمورنا، وأن يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق وتحذرهم من الباطل.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>