أولاً: هنا مبدأ لا بد أن نذكره لكم، وهو أن الحفظ على قسمين:-
الأول: حفظ فطري جبلي.
الثاني: حفظ سببى كسبي.
فبعض الناس جبله الله من صغره على الحفظ، فعقله من أذكى العقول، كالسيف، لا يسمع آية ولا حديثاً ولا مقطوعة ولا كلمة إلا يحفظها.
ورجل آخر لا يحفظ شيئاً، تحفظه اسمه في النهار، فينسى في العصر.
قيل لرجل من الحمقى: ما اسمك؟ هذا الرجل عصري، أدرك الكمبيوتر، قال: أنا عقلي كمبيوتر، أحفظ اسمي واسم أبي وجدي وأخوالي في الكمبيوتر، فأي عقول هذه؟! لكن لا يلام العبد على ذلك لأننا لا نلوم على المصائب ونلوم على المعايب.
وكما أسلفت أن التقوى والفضل عند الله لا يتوقف على الذكاء، فقد تجد بعض الناس بليداً غبياً ولكنه عند الله ذكي، وبعض الناس عبقري وذكي، لكنه عند الله عميل وعدو.
فإذا آتاك الله ذكاءً فطرياً فنمه، وإذا لم يؤتك حافظة، فحاول أن تفهم العلم، والفهم أحب من الحفظ و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦].
وأنت سوف تفضل في العلم، وسوف تكون عالماً إن شاء الله ولو لم تكن حافظاً، والإمام أحمد حفظ عنه أنه كان يقول: فهم العلم أحب إلينا من حفظه، ولكن في الصغر يستغل الحفظ، ووقت الصغر أحسن للحفظ وأجدى.