للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إحساس غريب عند الوحدة والانفراد]

السؤال

فضيلة الشيخ: أحس بإحساس غريب عندما أكون مع إخوتي في الله أني ضعيف العطاء قليل الحركة في الدعوة إلى الله عز وجل، وعندما أكون منفرداً أحس أني كثير العطاء والحركة ولا أدري ما هو السبب.

أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

الجواب

هذا السائل على خلاف المعهود من أسئلة الشباب، أسئلة الشباب في الغالب أنهم إذا جلس بعضهم مع بعض نشطوا، وإذا انفرد الواحد عن إخوانه تكاسل، وأما هذا فبعكس هذه.

يقال في هذا الباب: إن الإنسان أعلم بنفسه وهو طبيب قلبه، وبعض الناس -الآن- يجعل من العزلة قضية، كـ الغزالي أبي حامد فهو يدعو الناس جميعاً إلى العزلة؛ لأنه اطمأن للعزلة، فيظن أن الناس لا يصلحون إلا بها وتراه يمدحها، وعقد مناظرة في الإحياء بين العزلة والخلطة ثم اختار العزلة ودعا الناس إليها.

وتجد بعض الناس مرتاحاً للخلطة وهو لا يتكلم إلا بها، هناك قضايا تشغل الناس في الحياة حتى تكون قضيته الكبرى فيرى أن هذه القضية هي لب القضايا وأم القضايا، ومن زاول شيئاً أُعطي حكمته.

وأهل الهيئات يرون من قضاياهم الكبرى: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يريدون أن يتحدث الناس إلا فيها.

أهل الجهاد يريدون أن تكون خطب الجمعة، والمحاضرات، والندوات، والدروس، ودروس الكلية والمعاهد والثانوية في الجهاد.

وخذ على ذلك! حتى صاحب عقود الأنكحة محاضرته دائماً في عقود الأنكحة، وكلامه وبكاؤه وخشيته وضحكه في عقود الأنكحة، فبعض الناس له توجه خاص، ولا أحسن ممن توازن في حياته وأعطى كل شيء حقه.

فأنت -يا أخي- إذا وجدت نشاطاً في نفسك فافعل ذلك، ولا يلزمك أنك ترى المخالطة أحياناً ضياعاً، وليس هناك فتوى عامة في الخلطة والعزلة لكن تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، بعض الصحابة أفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بالعزلة مثل أبي ذر، يقول: {إنك ضعيف، وإذا بلغ البناء لسلع فاخرج من المدينة} فخرج، فهؤلاء لا يصلح أن يقودوا الأمة، لا يصلح أن يكونوا في مجتمع، وترك صلى الله عليه وسلم عثمان، ومن قبله أبا بكر وعمر يخالطون الأمة، بل يقودون الأمة.

فأنت أعرف بنفسك، وما ارتحت إليه نفسك من طاعة الله عز وجل في نفسك فافعله و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة:٦٠].

<<  <  ج:
ص:  >  >>