[خير الأمور الوسط]
قال ابن عباس وهذا الحديث في الترمذي مرفوعاً عند بعض أهل العلم: {كل واشرب وتصدق من غير سرف ولا مخيلة} وهذا لا يعني أنا نحرم على الناس الطيبات؛ فإن الله يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف:٣٢] ففي حدود الاقتصاد قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:٣١].
مأذون للعبد أن يشرب وأن يسكن وأن يأكل في حدود التعقل والاقتصاد بلا كبر ولا رياء ولا مخيلة، قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال:٤٧].
ثم هناك مسألة وهي أنه لا بأس بجمع المال، ولا بأس بتحصيله من الوجوه الشرعية لتحفظ به ماء وجهك، ولا تترك أسرتك عالة يتكففون الناس، وفي الأثر: {ما عال من اقتصد} وقال عليه الصلاة والسلام في الصحيح لـ سعد: {إنك أن تترك ذريتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس} أي: يسألون الناس، قال الشاعر:
قليل المال تصلحه فيبقى ولا يبقى الكثير مع الفساد
فبين الإسراف وبين البخل منزلة أمرنا بها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
هذا حديثه عليه الصلاة والسلام: {إن الله حرم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات ومنعاً وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال} هنا لك أن تقرأه على السكون والوقف: {إن الله حرم عليكم: عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات وكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال}.
اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث، وأنا أرى أن يحفظه من أراد أن يخطب به للناس، لأنه عناصر، ولأن في لفظه عليه الصلاة والسلام بركة.
وسبحان الله! لا يأتي العبد إلى ألفاظه عليه الصلاة والسلام ليشرحها على الناس إلا فتح له بإذن الله وسهل أمره وسدد.
ما بقي من الوقت سوف أعالج به قضايا إن شاء الله، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية والرشد والسداد، أسأله بأسمائه الحسنى أن يصلحنا ظاهراً وباطناً، وأن يرعانا ويحفظنا وإياكم، وأن يغفر ذنوبنا وخطايانا، وأن ينصر الإسلام والمسلمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.