للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[اطلع على واقعك]

أيضاً: يا أيها الإخوة! ينقص كثيراً من الشباب الاطلاع على واقع المسلمين, وما يعيشه المسلم في واقعهم, فتجده ينعزل حتى ولو كان مع علم السلف، العلم المبارك، لكن لا يعفيه هذا أن يطلع على الأطروحات التي في الساحة, وعلى الكتب المؤلفة في هذه المرحلة، والمجلات الإسلامية, والصحف وما يكتب فيها؛ حتى يكون على بصيرة بواقعه وببيئته يعرف كيف يتكلم, وكيف يدعو، ويعرف ماذا يخطط لدينه، أما أن يقف في عزلة عن عالمه وعن واقعه فليس بصحيح, وقد قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لرسوله عليه الصلاة والسلام: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥] فعلى الأقل لا بد أن تقرأ ولو صحيفة في اليوم، ومجلة إسلامية في الأسبوع, وأن تعرف أن هناك خططاً, ووسائل, وأسراراً, وهناك ما يحاك ضد هذا الإسلام, فتكون على بصيرة حتى تعلم أين تضع قدمك.

هذا مما يطلب من شباب الإسلام, ومن أهل الحق الذين يحملونه, ويطلب منهم أن يبلغوه للناس.

إخوتي في الله! بقيت قضايا كثيرة كثيرة لا تنتهي, ولكني أسأل الله عز وجل أن يعين على إتمامها، وكما وعدتكم سوف يستقبل هذا المنبر دعاة وعلماء يتحدثون لكم في هذه المسائل مسألة مسألة، ويوم تحضرون ويحضر أصحاب الفضيلة العلماء؛ يكون هناك مجلس مبارك، واجتماع على الحق، والله عز وجل قد نهى عن التفرق: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:١٠٥] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:١ - ٣].

وهذه المحاضرة مبنية على محاضرة سابقة بعنوان: "فن الدعوة"، وهاتان المحاضرتان متلازمتان تماماً، تفهم هذه بتلك, وتلك كالمقدمة والديباجة لهذه المحاضرة.

وشكراً لمن حضر، وكم فرحت، وقد كدت أن أبكي قبل صلاة المغرب, وأنا أرى الشباب في زحمة الليل وزحمة السيارات, وفي وهج البرودة, وفي قطرات الرذاذ, وهي تتقاطر من السماء, وهم يزدحمون يأتون إلى المسجد، تركوا دراستهم وأشغالهم وأهلهم وارتباطهم وضيوفهم ليحضروا في هذا المكان.

فيا رب يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد, حضرنا لوجهك ولمرضاتك، أسألك ألا تعيدنا من هذا المكان إلا مقبولين, مغفورة ذنوبنا, مستورة عيوبنا, قد رضيت عنا ورضينا عنك، وقد أسعدتنا بتوبة تجلو عنا الذنوب والهموم والغموم، أسألك أن تحفظنا بالإسلام وأن تحفظ الإسلام بنا، وأسألك أن تجمعنا بحبيبنا في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأسألك أن تنصر هذا الدين، وأن تعلي كلمة المسلمين، وأسألك أن تحفظ العلماء والدعاة، وأن ترفع كلمتهم وأن تؤيدهم بالحق، وتؤيد الحق بهم، وأسألك أن ترد شباب الإسلام إليك رداً جميلاً يا عظيم، وأن تأتي بإخواننا وفلذات أكبادنا من الشباب الذين جلسوا على الأرصفة وفي المقاهي وفي أماكن اللغو أن تأتي بهم لنراهم، فإننا -والله- نحبهم حب الإسلام، ولا نريد يا رب أن تعذبهم بالنار, ونريد يا رب أن تخرجهم من الظلمات إلى النور، هذه مسألتنا ولهذا اجتمعنا.

وأما كلامي فأسأل الله أن ينفع به، فإن أصبت فمن الواحد الأحد، فهو سُبحَانَهُ وَتَعَالَى منزل الصواب على عباده، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريئان، أسأل الله عز وجل أن يجمعني بكم مرات كثيرة في مناسبات كثيرة، وأنا أعتبر أن من يدعو لهذا الدرس ولغيره، ويدعو إخوانه وجيرانه والمسلمين؛ أنه داعية إلى منهج الله, وأنه أمين على دعوة الله, وأنه رجل صالح يدعو إلى خير.

شكراً لكم، ومرضاةً وقبولاً زائداً من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>