[تحريم عقوق الوالدين]
فيا أيها المسلمون! إن مما ينبغي أن نعظم به التوحيد في قلوبنا: تعاملنا مع الناس.
ومن نقص التوحيد وضعفه عقوق الوالدين، ولا إله إلا الله كم من شيخ بكى من عقوق ابنه! وكم من أم اشتكت وبكت وناحت من ظلم ابنها! واعلموا إن لم تكونوا قد علمتم أن هناك أمهات بكين -والله- من ضرب أبنائهن لهن، ابن نقص توحيده، ما عرف الباري، ما استنار بنور محمد عليه الصلاة والسلام حمله موت التوحيد ونقص التوحيد، ومرض التوحيد، أن يضرب أمه.
شيخ كبير يقف ودموعه تسيل على لحيته، ويشكو من هذه المصيبة، ابن رباه وغذاه، وأطعمه وسقاه، وكساه وآواه ثم انقلب هذا الابن بعد أن كبر رعديداً فاجراً مخاصماً لأبيه، كما يقول الأول في ابنه العاق:
غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً تعل بما أجري عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك في السقم لم أبت لسقمك إلا شاكياً أتململ
كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل
وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء:٢٣ - ٢٤] وقال تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:١٥].
ولذلك قال صحابي: {يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك؟ قال: ثم من؟ قال: أبوك} فسبحان الله كم للوالدين من حقوق!! تقبيل اليد، الطاعة، الكلمة الطيبة، تلبية الطلب، الدعاء.
قال أنصاري كما صح: {يا رسول الله! هل بقي من بري أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما قال: نعم.
بالاستغفار لهما، وبالدعاء لهما، وبالصدقة، وبصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالبر البر يا مسلمون! بر الوالدين وطاعتهم من طاعة الباري سبحانه وتعالى.