[تاريخنا مبدؤه من البعثة]
اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي الجنة رحمتك، وفي النار سطوتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
والصلاة والسلام على من بعثه الله فهدى الإنسانية، وزعزع به كيان الوثنية، وأنار به معالم البشرية صلى الله وسلم على أذن الخير التي تلقت الوحي من الله، فبلغته للبشرية، ووعته وحفظته صلى الله وسلم على لسان الصدق الذي دفع الكلمة الصادقة المخلصة إلى الأجيال صلى الله وسلم على المعلم النبيل، والهادي الجليل، والأستاذ النبيل صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً وسلاماً دائمين مادام الليل والنهار.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
وإن كان لي من شكر فإني أشكر الله تبارك وتعالى على أن أجلسني في هذا المكان، ثم أشكر أساتذة الجيل ورواد الحضارة، وأهل البناء العميق في تاريخ الإنسان، ثم أشكر سعادة عميد هذه الكلية ووكيله وهيئة التدريس، ثم أشكركم أيها الأبطال الأخيار النبلاء.
أتيت من أبها بلاد الجمال أقول أهلاً مرحباً بالرجال
روض النبي المصطفى وارفٌ أزهاره فاحت بريا الجمال
ميراثه فينا جميل الحلى وأنتم أصحابه يا رجال
المحاضرة في هذه الليلة: (العلم بين الأستاذ والطالب) ويوم أن يكون العلم عندنا نحن المسلمين يكون نوعاً آخر، ويكون له طعم آخر ومزاج آخر ورسالة أخرى وهل العلم إلا منا، وهل نحن إلا شادة العلم الذي ينفع في الدنيا والآخرة.
وأما عناصر هذه الجلسة والمحاضرة فهي:
فضل العلم، وما ذكره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن العلم ثم لا علم بلا إيمان لنرد على العلمانيين، أهل التراب عبدة العلم من دون الله ثم العلم النافع يورث الخشية ثم عدم العمل بالعلم شؤم وزندقة وإلحاد، وهذا ليس مقصوداً.
ثم مهمة الأستاذ في التعليم، وما هي هذه المهمة والرسالة التي تركها الإسلام على عاتق الأستاذ ثم ما هو واجب الطالب بيد الأستاذ؟ وقبل ذلك أمام رقابة الله تبارك وتعالى وفي الأخير المعاصي تذل العلم، وتطفئ الذكاء وتطمس المعرفة.
أيها الإخوة: كنا قبل الإسلام أمة عربية أمية لا نعرف شيئاً رعاة غنم وإبل وبقر، والقوميون يقولون: لا.
تاريخنا من أول الدنيا، ونحن أهل الحضارة حتى قبل الإسلام وكذبوا لعمر الله! ودجلوا على الحقيقة والتاريخ! كنا أمةً بلا معرفة ولا ثقافة، وأمةً بلا حضارة حتى أتى محمد عليه الصلاة والسلام
تاريخنا من رسول الله مبدؤه وما عداه فلا ذكر ولا شان
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:٢].
كان للرومان حضارة، ولفارس ثقافة، وللهنود معرفة، أما نحن في الجزيرة فلا ثقافة ولا حضارة ولا معرفة حتى جاء عليه الصلاة والسلام فسكب فينا روح لا إله إلا الله، فاستيقظنا من نومنا وسباتنا العميق.
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسرت أغلالها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها
وبعد خمس وعشرين سنة يخطب خطيبنا في نواحي نهر السند واللوار، وعلى ضفاف دجلة والفرات، وبعد خمس وعشرين سنة يكون لنا منتدى في العالم شعراء وأدباء؛ لأننا أمة الإيمان والحب والطموح.