إمام المسجد إمام راتب يشرب الشيشة فهل يصح أن يؤم الناس؟
الجواب
إن عينه السلطان -يعني: معين من الأوقاف- وهو إمام راتب فيصلى وراءه وذنبه عليه:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:١٦٤] وحسابه على الله عز وجل.
وإن كان هذا الإمام متبرعاً أراد أن يصلي بدون أن يكون هو الإمام الراتب وليس مسئولاً، فلا يقدم على الناس لأنه فاسق، وهو يشرب هذه المحرمات، فهو فاسق عند أهل السنة والجماعة؛ لأن من يتعدى حدود الله عز وجل فهو فاسق، فإن كان متبرعاً فلا يقدم، وإن كان من الأوقاف فيقدم ويصلى وراءه وحسابه على الله.
يقول أهل العلم: ابن آدم يأتي من بطن أمه وهو ماسك يديه، قالوا: ذلك علامة لحرصه وجشعه وحسده وحب التملك، وحب التملك فطرة في الإنسان؛ حتى الطفل أول ما يتحرك يبدأ بأخذ الأشياء، يأخذ القلم، يأخذ الساعة، يتشبث، يبكي على اللعب، يبكي على المأكولات والمشروبات وذلك من حب التملك، وكلما شاب الإنسان وكبر سنه كبر حب التملك عنده، حتى تجد الإنسان في عمر الستين كأنه سيعيش مائتين أو ثلاثمائة سنة، لا يتكلم إلا في العمارات والقصور والأبناء، وهذا توظف، وهذا أرسل لي راتبه، وهذا سوف أسكن معه، كأنه يعيش ولا يفكر في القبر إلا من رحم ربك، ومن أكبر الخطايا التي عصي الله بها في الأرض خطيئة حب الدنيا، حتى أن البعض يقول: هابيل قتل قابيل بسبب حب الدنيا والجشع عليها، واعلم أن من استولى عليه حب الدنيا فقد عبدها من دون الله، اتخذها إلهاً يعبد من دون الله عز وجل، قال الله تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[هود:١٥ - ١٦].
تجرد من الدنيا فإنك إنما أتيت إلى الدنيا وأنت مجرد