للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مدح الصحابة لعمر وبعض شمائله]

ويستمر المديح، ويشارك الصحابة في الإعجاب بـ عمر، كلهم يثني ويمدح ويحب، يقول علي في البخاري: {والذي نفسي بيده! لطالما سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبك}.

وعن ابن مسعود قال: [[ما زلنا أعزة منذ أن أسلم عمر , كان إسلام عمر عزة, وهجرته نصراً, وتوليه رحمة]] روى هذا الأثر ابن أبي شيبة في المصنف , والطبراني في المعجم الكبير.

وقال ابن الحداد، عالم المالكية في القرن الخامس, قال: "كفنت سعادة الإسلام في أكفان عمر ".

لما دفن عمر كفنت سعادة الإسلام ونوره وإشراقه، ولكن بقيت من الإسلام بقايا عمر، فكان حاجباً بين الفتن، وكان حصناً في وجوه الأعداء، فلما مات دخلت الفتن على الأمة.

يقول مايكل هارف وهو الأمريكي الذي له كتاب الأوائل المائة كما تعرفون، يقول في صفحة (١٦٦) من كتابه: "إنما مآثر عمر مؤثرة حقاً، فقد كانت شخصية رئيسية في انتشار الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبجهاده وتضحياته، ضرب الإسلام بعطنه عبر العالم" أو كما قال.

وقال أنس وهذا عند ابن سعد في الطبقات: [[كان عمر وراء حائط، فسمعته يبكي، ويقول: والله يا عمر! إن لم تتق الله ليعذبنك]] لقد كان يحاسب نفسه، وكان أكبر ما يخاف من الله، فكان قبل أن يقدم على خطوة أو كلمة يراقب الله في رضاه وغضبه، وفي حركته وسكونه.

فاروق مصر وهو نكرة أراد أن يقلد عمر، لكن عمر اسمه الفاروق بأل وفاروق مصر بدون (أل) للتعريف، كتب له محمد إقبال في أرض المشرق رسالة يقول فيها: يا فاروق مصر! إنك لن تكون كـ الفاروق عمر حتى تحمل درة كدرة عمر.

يقول: أخرج الجواري التي في قصرك، فعندك ستمائة جارية, وتريد أن تسمى الفاروق، وتكذب على الجماهير، عندك تلاعب بالأموال، وبضمائر الناس، وتريد أن تكون عمر؟ لا.

أنت فاروق لكنك لست الفاروق , لأنك لا تحمل درة كدرة الفاروق.

قال أبو نعيم في الحلية: "كان عمر يمر بالآيات في ورده فتخنقه، فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته ويعاد -مريضاً- من تأثره".

وقد قلت لكم: إننا لن ندخل في تفصيليات وجزئيات حياة عمر في أكله أو في لباسه، لكنا ندخل في خطوطٍ عريضة قوية أثرت في حياة هذا الرجل حتى أقر به أهل الشرق والغرب، وألف فيه أكثر من ستة وخمسين كتاباً ما بين غربيٍ وشرقي لغير المسلمين، ألفوا في التربية في حياة عمر , وفي علم العمران، وعلم العدل والسياسة، كلها مشتقة من فطنة عمر رضي الله عنه وأرضاه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>