للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك)]

قال ابن عباس: [[الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، ومعناه: ألم تسمع، لأنه ما رأى]] إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم وُلِد في ذاك العام، عام الهجوم على الكعبة ولد فيه عليه الصلاة والسلام، إذن فهو لا زال طفلاً رضيعاً عمره عند بعض المفسرين (٥٠) ليلة، فلم يرَ أصلاً ولم يحضر عليه الصلاة والسلام ولم يرَ الفيل ولم يرَ الطير الأبابيل.

والرؤية -كما قال بعض المفسرين الآخَرين-: تعني: ألم تعلم، فهي رؤية علمية.

أي: أنه يقول: أما سمعت الأخبار؟ أما قرأت التاريخ؟

وقال بعضهم كـ القرطبي: بل رأى عليه الصلاة والسلام بعض آثار ما وقع لأهل الفيل؛ فإنه رأى صلى الله عليه وسلم قائدَ الفيل وسائسَه مقعدَين في مكة، فالذي قاد الفيل وهو من اليمن والذي ساسه رآهما صلى الله عليه وسلم مُقْعَدَين قد أصابهما العمى؛ فقيرَين يسألان الناس عند البيوت.

فيقول: هذه من آثارهم.

وقال بعضهم: بل رأى عليه الصلاة والسلام بعض الحجارة، فورد في الأثر: [[أن أم سلمة رضي الله عنها كان عندها صحفة مملوءة من الحجارة السوداء المخططة بأسماء جنود أبرهة]] كل جندي باسمه نزل من السماء عليه حجرٌ كالعدسة وكالحمصة، مكتوب عليه اسمه حتى لا يقع في جندي آخر.

فـ أبرهة له حصاة مكتوب عليها: أبرهة الأشرم القائد الأعلى للقوات المسلحة، فلا تغلط، هذه زكاة جنايته، فتأتي عليه مباشرة.

هذه من ضمن لمحات المفسرين.

وقال بعضهم: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل:١] أي: ألم نخبرك، وقد أخْبِر عليه الصلاة والسلام بما أوحى الله إليه سبحانه وتعالى، والله عزَّ وجلَّ يستثير رسوله كما قال المفسرون: شوَّاقٌ للخطابات، فيقول: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:١] حتى يكون صلى الله عليه وسلم سامعاً لما سوف يأتي، ويقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [الفجر:٦] فالله عز وجل يريد أن يشوق رسوله عليه الصلاة والسلام للقصة حتى يعيشها، وقد أخطأ بعض المفسرين صراحةً حتى من عاشوا للكتب قالوا: حادثة الفيل وقعت قبل مولده عليه الصلاة والسلام بأربعين سنة، وهذا خطأ، وقد ذكر مثل هذا: الأعمش، وعكرمة، والصحيح أنه وُلد عليه الصلاة والسلام عام الفيل وقال ابن إسحاق: ولد عليه الصلاة والسلام عام الفيل، وفي الصحيح: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخْبَر بذلك أنه ولد صلى الله عليه وسلم عام الفيل}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>