فإن كثيراً من الناس لا يغطي دخلهم مصروفهم، وتصور ماذا يفعل الذي راتبه ألف ريال وبعضهم أقل، أمام حاجات العصر المتطورة, من لحوم وفواكه وخضروات ومأكولات ومشروبات؛ لأنه يريد أن يعيش العصر والمجتمع والمدنية التي يسكنها.
وبعض الناس يصرف الراتب كله في ضيفة واحدة؛ لأنه لا زال هنا الالتزام ولا زالت المروءة ولا زال الكرم موجود، والإنسان إذا دخل عليه ضيف فباستطاعته أن يضيفه بألفي ريال في ليلة واحدة.
أيضاً هناك مصروفات كمصروفات الهاتف والكهرباء والماء ولوازم السيارة والذهاب والإياب والعلاج، ولوازم الطيران من تذكرة وغيرها، هذه كلها لوازم باهضة، فيكون المصروف أعظم بكثير من الدخل، ولا مقارنة بين هذا وهذا.
فلا بد للإنسان أن يوازن بين مصروفه ودخله، (وما عال من اقتصد) , وعليه ألا يماشي الناس في أهوائهم؛ لأن بعض الناس تجده يباري الناس وتجده يظاهر الناس، والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، فهو يريد أن يكون من كرماء الناس وأغنيائهم؛ في العزائم والحفلات والأخذ والعطاء وأثاث البيت ومشترياته لأهله ولباس الأهل, وهذا لا يلزمه أصلاً؛ لأنه ليس مكلفاً من الشرع، إنما قد جعل الله لكل شيء قدراً، وفي الحديث الصحيح:{لينظر أحدكم في الدنيا إلى من هو دونه} فأنت انظر إلى من هو أفقر منك ولا تنظر إلى هؤلاء الذين يرون المليون الواحد عندهم كالريال عندك، فأنت إذا أذهبت ريالاً من عندك خسرك وأنقص ميزانيتك, وهو يذهب بالمليون في لحظة ولا يحس بشيء، فمثل هذا لابد من معرفته مع حلول أخرى, وهذه الحلول لا تهمنا لكنها تهم أناساً آخرين عليهم أن يقوموا بها.
أيضاً الإيجار الباهض للبيوت, فليس كل الناس سواء في المدن أو في الضواحي يملكون بيوتاً فقطاع كبير من الناس من الفقراء والمساكين والأيتام يسكنون بيوتاً بالإيجار، فتجد الإيجار باهضاً قد يصل أحياناً إلى عشرة آلاف أو خمسة عشر ألفاً إلى عشرين ألفاً وهذا كله مضن, فإن البعض يجمع هذا الإيجار في سنة كاملة من أهل الخير ومن المتصدقين والمحسنين، فعلى أهل العقار أن يتصدقوا وأن يراعوا أحوال هؤلاء، وأن يتقوا الله فيهم.
ولماذا لا يقوم الأغنياء -مثلاً- بتوقيف بعض الفلل والعمارات الضخمة والشقق على هؤلاء الفقراء، والطلاب الذين لا يجدون مأوى؟ طالب في الجامعة عنده أسرة وستة أطفال أو سبعة، وراتبه ثمانمائة ريال, ماذا يفعل به مع الإيجار والمصروف والنفقة, ومع تكاليف العصر؟ فهو لا ينفعه ولا يغطي شيئاً من حاجته.