ومن أوصفاهم: الاعتراض على القدر والتسخط منه، فلا قضاء ولا قدر عندهم، قال تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر:٤٩]{وما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك}{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[الحديد:٢٢] لكن هؤلاء يتسخطون.
ويقول الله في القرآن عن هؤلاء العلمانيين:{الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران:١٦٨] يقولون في معركة أحد لبعض المؤمنين: اجلسوا هنا فسوف تقتلون إذا ذهبتم، فتركهم المؤمنون وخالفوهم وعصوهم وذهبوا، فقتلوا شهداء في سبيل الله، فقال المنافقون: نصحناهم، ولكن رفضوا النصيحة، حذرناهم من القتل ولكن رفضوا أمرنا، يستحقون ما أتاهم، فيقول سبحانه:{الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا}[آل عمران:١٦٨] أي: في المدينة: {لَوْ أَطَاعُونَا}[آل عمران:١٦٨] أي: في الجلوس: {مَا قُتِلُوا}[آل عمران:١٦٨] هناك، فقال الله متحدياً لهم:{قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران:١٦٨] فأنتم سوف تموتون لكن وأنتم أذلاء على الفرش، تموتون وروائحكم منتنة، وأما أنس بن النضر وعبد الله بن عمرو ومصعب بن عمير والشهداء، فماتوا ولكنهم أخيار مرفوعون عند الله عَزَّ وَجَلَّ، فكلمهم الله بلا ترجمان.
يقول أحد المسلمين من المهتدين في الشهادة:
أيا رب لا تجعل وفاتي إذا أتت على شرجع يعلى بخضر المطارف
ولكن شهيداً ثاوياً في عصابة يصابون في فج من الأرض خائف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى وصاروا إلى موعود ما في المصاحف
وإقبال شاعر الباكستان يقول: نحن أمة رفعنا أرواحنا بين أكفنا لنسلمها لك شهداء:
أرواحنا يارب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
وكأن ظل السيف ظل حديقة خضراء تنبت حولنا الأزهارا
أليس هذا هو الإيمان؟ أليست هذه هي الأصالة التي تركها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفوس محبيه وأتباعه؟!